للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْعَانِ: الأولُ: لو أوصَى لجماعةٍ من أقرب أقاربَ زَيْدٍ، فلا بدَّ من الصرف إلى ثلاثةٍ، فإن كان له في الدرجةِ القربَى ثلاثة، كبنين، أو بناتٍ، أو إِخوةٍ، دفعَ إليهم، وإن كانوا أكثر من ثلاثة، ففي وجوب تعميمهم وجّهَان.

أحدهما: أنه لا يجبُ؛ لأن الجماعة تَحْصُل بثلاثة، فيختار الوصيُّ ثلاثة منْهم، كما لو أوصَى للفقراء.

والثاني: وهو الذي اختاره صاحب "الشامل" وحكاه عن القاضي أبي الطيب في "المجرَّد": أنه يجبُ التعميم، وإلاَّ صارَتِ الوصيَّة لغير معيَّن، بخلاف الوصيَّة للفقراء؛ لأن المعتبر هناك جهةُ الفقر، وإن كانُوا دون الثلاثة، تمَّمنَا الثلاثة، ممَّن يليهم، وإن كان له ابنان وابنُ ابنٍ، دُفِعَ إليهم، وإن كان له ابن، وابنُ ابنِ، وابنُ ابنِ ابنٍ، دُفِعَ إليهم، وإن كان له ابنٌ وابنا ابْنٍ، فكذلك، وفي ابنٍ، وابنِ ابنٍ، وابْنَي ابنِ ابنٍ، يُدْفَعُ إلَى الابنْ، وابْنِ الابنِ، وواحد من الذين هم في الدرجة الثالثة، أم يعممون؟ فيه الوجهان، وإذا قلنا: يعممون، فالقياس التسويةُ بين كلِّ المدفوع إليهم، وفي "تعليق" الشيخ أبي حامد أن الثُّلُثَ لِمَنْ في الدرجة الأُولَى، والثلث لمن في الثانية، والثلث لِلَّذِينَ هم في الثالثة، هذا ما نقل عن النَّصِّ وكلام الأصحاب في الفَرْع، وكان الأشبه أن يُقَالَ: إنَّها وصيةٌ لغير معيَّنٍ؛ لأنَّ لفظ الجماعةِ منكر فصار كما لو أَوْصَى لأحد الرجُلَيْنِ، أو لثلاثةٍ لا على التعيين من جماعة معيَّنِين.

الثاني: لو أوصَى لأقربِ أقاربِ نَفْسِه، فالترتيبُ عَلَى ما بينا، لكن لو كان الأقربُ وارثاً، صُرِفَ إلى من يليه ممَّن ليس بوارث، إن لم نصحح الوصية للوارث، أو صححناها, ولم يُجزْ سائرُ الوَرَثَةِ، هكذا نقل صاحب "التهذيب" (١) وغيره، وهو جواب عَلَى قولنا: إنه لو أوصَى لأقارب نفسه، لم تُدْخُلِ الورثةُ بقرينة الشَّرْع، أما إذا قلْنا: إنهم يَدْخُلُون، ويوزَّع المال عليهم، وعلَى من ليس بورثة، فهاهنا تبطُلُ الوصية، إلاَّ أن يتعدَّد الأقربون، ويكون فيهم وارثٌ، وغَيْرُ وارثٍ.

وأما لفظ الكتاب، فقد تغير ترتيب بعض مسائل الكتاب (٢) فيما ذكَرْناه ولا بأسَ بمثله عند الحاجَةِ، وقوله: "فيستوي الأبُ والأُمُّ" وكذا قوله: "والأخ من الجانبين أولَى من الأخ من جهة واحدة" فإنَّ هذا اللفظ ينتظم الأخَ من الأبِ، والأخَ من الأمِّ وكلاهما جواب على أنَّ قرابة الأم يدْخُلُون في الوصية مطلقاً، وعلَى ذلك؛ يتفرَّع ما بيناه في شرح الفَصْل، فإنْ قلنا: إنهم لا يدْخُلُون في وصيَّة القرب، فلا استحقاق للأخ من الأم بحال، وقوله: "وفي الجَدِّ مع الأخ للأبِ قولان" يجوز إعلام لفظ القولَيْن بالواو؛


(١) في أ: التقريب.
(٢) في أ: الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>