للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثالثةُ: أنه يزاد على سهام الفريضَةِ بعد تصحيحها سهم للموصَى له، وعن أصحاب مالك -رحمه الله تعالى- اختلافٌ، منهم من قال: له السدسُ، ومنْهم من قال: الثمن، وسوَّوْا بين السهم والحظِّ والنَّصيب، وحكى أبو الفرج الزاز عن ابن سُرَيْجٍ أَنَّه يحتملُ أنْ يكون الجوابُ في لفظ السهمْ، كالرواية الثانية عن أحمد، فيجوز أَن يُعْلَمَ قوله في الكتابُ "أُعْطِيَ أَقلَّ ما يُتموَّل" بالحاء والميم والألف والواو، وإِذا عرف ذلك، فلو عين الورثة قدرًا من المالِ وادَّعى الموصَى له أَن الموصِيَ أراد أكثر من ذلك.

قَالَ الأكثرُونَ، منْهم الأستاذ أبو منصور، والحناطيُّ والمسعُودِيُّ يحلف الوارث على أَنّه لا يعْلَم إرادته الزيادة، وحكى صاحب "التهذيب" أنه لا يتعرض للإرادة، وإنَّما يحلفُ عَلَى أنَّه لا يعلم استحقاق الزيادة، وسلم أَنه لو أقرَّ بمبهم، ومات، وجرَى مثل هذا النزاع بَيْن المقَرِّ له، وبين الوارث، حلف الوارثُ عَلَى نفي إرادة المورث، وفرق بأن الإقرار إخبار، والوصيَّة إِنشاءُ أمير على الجهالةِ، وهذا قد ذكرناه في "باب الإقرار" وللأولين أن يقولوا: نعم، الوصيةُ إنشاءٌ، لكن قد يخبر الموصِي الوارِثَ بما أَراد، إِما قبل الإِنشاء أَو بَعْده، فإذن احتمال الإطلاع قائم في الصورَتَيْن، ورد صاحب "التتمة" افتراق البابين إلَى شيء آخر، فقال: الوارث هاهنا يحلف على أَنَّه لا يعْلَم أَن الموصِيَ أراد الزيادة، [ولا يحلف] (١) على أنه أراد هذا القدْر، وفي "الإِقْرار"؛ يحلف على أَنه لا يَعْلَم الزيادة، وعلى أنه [أراد] (٢) هذا القدْر. والله أعلم.

ولو أوصَى بثلث ماله، إِلاَّ شيئاً، قُبِلَ تفسيرُ الموصَى به، وتنزيله عَلَى أَقلِّ ما يُتموَّل، وحمل الاستثناء عَلَى مالٍ كثير، وذكر الأستاذ أبو منصورٍ -رحمه الله- في "القضايا" أن هذه وصيةٌ بنصف الثلُثِ؛ فيكون المستثنى دون النصْفِ، فعلَى الوارث أن يعطيه السُدُسَ، ويزيد ما يشاء، قال: وكذا لو قال: أعطوهُ ثلث مالِي إِلاَّ قليلاً، ولو قال: أعطوه الثُّلُثَ إِلاَّ كثيراً، جاز أن يعطيه الوارِثُ أقلَّ من النصْف، والمشهورُ الأول.

فروع: لو قال: أعطوه من واحدٍ إلَى عشَرَةٍ، فعلى الأَوجُه المذكورة في "الإقْرَار"، وحكى الأستاذ أَبو منْصُورٍ عن بعض الأَصحاب أَنه إن أراد الحسابَ، فللموصَى له خَمْسَةٌ وخمسون، وهو الحاصلُ من جمع واحدٍ إِلَى عَشَرةٍ، على توالي العدَدِ، وإِن لم يرد الحساب، فله المستيقن، وهو ثمانيةٌ، ولا شكَّ في اطراد هذا في الإقْرار (٣).


(١) سقط في: أ، ز.
(٢) سقط في: أ، ز.
(٣) فيه أمران:
أحدهما: توهم أن هذا الاستدراك وجه آخر في المسألة لا يقيد وليس كذلك بل هذا هو المتعين توجيهًا ونقلاً.
الثاني: ظهر بما نقلناه من كلام الأُستاذ أنه لم يحكه وجهاً كما ادعاه الرافعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>