للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الشيء، وُيرْجَعُ إِلى الزوج بالاِرْث نصف الباقي، وهو ثلث شيء، فيحصُلُ عند الزوج مائة إِلا ثلثَيْ شيء، وذلك يَعْدِلُ شيئين، فبعد الجبر مائة، تعدل شيئين وثلثَيْ شيء.

فنبسطُها أثْلاثَاً، وتقلب الاسم، فالمائة ثمانية، والشيء ثلاثة، فتصحُّ الهبة في ثلاثة أثمان المائة، وتصِحُّ الوصية في ثمن، وُيرْجَعُ بالارث ثمن إلى الزوج، فيحصل عند ورثته ستة أثمان، وهي ضعْفُ الهبة ولو أنَّ الزوج بعد الهبة [أوصى] (١) بثلث مالِهِ لإنسانٍ، فالهبة لو لم تكنْ وصيَّة، تصحُّ في خمس المائة؛ لأنها تصحُّ في شيء، ويُرْجَعُ إلى الزوج نصْفه، يبقَى مائة إلاَّ نصف شيء، يعدل شيئين، فبعد الجَبْر: مائةٌ تعدلُ شيئين ونصف شيء، فالشيء خمسا المائة، وُيُرجَعُ إلى الزوج أحدهما، فيجتمع له أربعةُ أخماسها، وهي ثمانون، فإذا جرت الوصيةُ، فعن ابن سُرَيْج: أنه يُصْرَفُ إلى الوصية من الثمانين تتِمَّة ثلث المائة، فيكون لورثة الزوج ستةٌ وستون وثلثان، وللموصَى له ثلاثةَ عَشَرَ وثلث، ولغير الزوج من ورثة الزَّوْجَة عشْرُون.

وقال الأستاذ أبو منصور: هذا غَلَطٌ؛ لأنَّ الهبة المقبوضة مقدَّمة على الوصية، وقد استغرقت الهبَةُ الثلث، والوصية بعد استغراق الثلث باطلةٌ، فكأنه لا وصيَّة.

قال إِمام الحَرَمَيْنِ: وليس قول ابْنِ سُرَيْج مع هذا استدراكاً ساقطاً عنْدي؛ لأنه أوصَى بثلثٍ مرسَلٍ، والاعتبار في الوصايَا بمَالِهَا، وإذا استقرَّتْ له أربعةُ أخماسِ المال أجزاء، لم يبْعد تنفيذُ الوصية فيما يبقَى من الثلث بعد الهبة، وإن لم يزاحم الهبة. ولو وهب المريض عبداً من مريض، وأقبضه، ثم وهب الثاني من الأول وأقبضه، ولا مال لهما غيره، ثم أعتقه الأول، وماتا؛ قال ابن سُرَيْج: المسألة تصحُّ من أربعة وعشرين، لورثة الواهب الأول ثلثاه، ولورثة الثاني ربعه، ويُعتَق منه باقي الثلث، وهو نصف سدسه. قال الأستاذ: هذا خطَأ عند حُذَّاقِ الأصحاب، والعتق باطلٌ؛ لأنه قدّم الهبة على العتق، وهي تستغرقُ الثلث، وإِذا بطَلَ العتْقُ، صحَّت هبة الأول في ثلاثة أثمان العبد، وُيرْجَعُ إليه بالهبة الثانية ثمنه، فيجتمع عند ورثته ستة أَثمان، وهي ضعف الهبة.

وصوَّب الإمام ابن سُرَيْجٍ، فقال: إذا اجتمع للأوَّلِ ستة أثمانه، ثم أعتق، فتنفيذ العتق في تمام الثلث لاَ يَتقُصُ حقّ ورثته عن الثلثين، ولا حتى الموهوب له، فيتعيَّن المصيرُ الَيْه؛ وحينئذٍ: فلا بد من تعديل الثلث والثلثين، ورعاية الأثمان، فنضرب ثلاثة في ثمانية، تبلغ أربعة وعشرين، كما ذكره، نَعَمْ، لو أعتقه قبل هبة الثانِي، ثم وهب الثاني، فهذا عتق لا يُصَادِف محلاًّ، فيلغوا إلا أن يحتمل الوقف.


(١) سقط في: ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>