للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلثه، ورَقَّ ثلثاه، وإن خرجت للمقتول، فيعتق منه شيء، ويرق الباقي، لكنه أتلفه فالذي يَبْقَى، لورثة العبد المقْطُوِع، وهو بعد ما نقَص مثل عبد وربع عبد، يُقضى منه ما لزمه من الدية، وهو شيئان؛ لأنَّ الدية ضعْف القيمة، فيبقَى عبد وربع عبْدٍ إِلاَّ شيئين، يعدل شيئين، فبعد الجبر عبد وربع عبد يعدِلُ أربعة أشياء، فنبسطها أرباعاً، وتقلب الاسم، فالعبد ستةَ عَشَرَ، والشيء خمسة، فيعتق من العبد خمسةُ أجزاء من ستة عشر جزءاً، وقيمتها اثنا عشر ونصف، تركة السيد خمسون؛ يُقضَى منها ما لزمه من الدية، وهو ضعف ما عَتَق؛ يبقى منها خمسةٌ وعشرون، ضعْفَ ما عتق.

مسألة: وهب المريضُ عبداً لا يملك غيره، وأقبضه، فقتل العبد الواهب خطأً، نُظِرَ: إن كانت قيمته مثل الدية، صحَّت الهبة في نصفه، ويُبَاعُ ذلك النصْف في الجناية، أو يفْدِيه الموْهُوب له، فيحْصُل لورثة الواهب قَدْر نصفه، وقد بَقِيَ لهم النصْف وهما ضعف ما صحَّت الهبة فيه، ويهدر نصف الجناية؛ لأن جناية المملوك على المَالِكِ مهْدَرة.

وإن كانتِ القيمةُ أكثر، كَمَا إِذا كانَ العبد يساوِي ثلاثمائة، والدية مائة، فتصحُّ الهبة في شيء من العبد، وتبْطُل في الثاني، ويَرْجِعُ بالجنايةِ إلَى ورثة السيِّدِ ثُلُثُ شيء، فيبقَى معهم عبْدٌ إلا ثلثَيْ شيء، يعدل شيئين؛ فبعد الجبر عبدك يعدل (١) شيئين، وثلثي شيء.

فنبسطها أثلاثاً، ونقلب الاسمَ، فالعبد ثمانية، والشيء ثلاثة، فتصحُّ الهبة في ثلاثة أثمانِ العبدِ، وَيرْجِعُ إلى ورثَةِ الواهب ثُلُث ما صحَّت الهبة فيه، وهو ثمن، فيجتمع لهم ستَّة أَثمان، ضعْف ما صحَّت الهبة فيه.

وإن كانتِ القيمةُ أقلَّ، فإِن قلنا: إن الفداء بالأقلِّ من القيمة، أَو الدية، فكذلك الجوابُ، وإن قلْنا: إنَّ الفداء بالدية، فإن كانت القيمة مثْلَ نصف الدية، أو أقلَّ، صحَّت الهبة في جميعه، فإِذا فَدَاهُ، كان عندهم ضعْف ما صحَّت الهبة فيه أَو أَكثر، وإن كانتْ أكثرَ من نصف الدية؛ كما إذا كانت القيمة مائَتَيْنِ، والدية ثلاثمائة، فتصحُّ الهبة في شيء من العبد، ويفديه بمثله، ومثل نصفه، فيحصل للورثة عبد ونصف شيء، يعدل شيئين، فيسقط نصف شيء بنصف شيء؛ يبقى عبد يعْدِلُ شيئاً ونصْفَ شيء، فالشيء ثلثا العبْد، فصَحَّت الهبة في ثلثيه، يبْقَى للورثة من الرقبة ثلث، ومن الفداء مثْل عبْدٍ، فيجتمع عبد وثلث عبد وثلث. ضعف ما صحت الهبة فيه.

فإن عفا الواهبُ عن الجناية، فالهبةُ سابقةٌ على العفْو، فيقدَّم، ثم ينظَرُ إن كانت القيمة مثْلَ نصف الدية، أو أكثرَ، بَطَلَ العفْو, لأن الهبة تستغرِقُ الثلث، فلا يبقَى شيء ينفذ العفْوُ فيه.


(١) في ز: الجبر يعدل.

<<  <  ج: ص:  >  >>