لكن سنذكر: أَنه إِذا أَوصى بشيء لزيد، ثم أوصَى به لعمرو، ولم يكن رجوعاً، بل يشترك بينهما، وكان يجوز أن يقدر التشريك هاهنا أيضاً. ويقال ببطلان نصف الوصية، ولو قال: هو تركتي فوجهان؛
أحدهما: أنه رجوع؛ إِذ التركةُ للورثة.
وأظهرهما: لا؛ فالوصيَّة من التركة.
وقوله في الكتاب:"لأنه جائز لم يتصل به القبض" لا يكاد يفسر العقد الجائز إلاَّ بما يجُوزُ إبطاله، والرجوع عنه؛ وحينئذٍ: فلا يحسن تعليل جواز الرجُوعُ به، فليجعل كنايةً عن التبرع، أو ما أشبهه.
وقوله:"وللرجوع أسباب" سبيل ضبْطِها، عَلَى ما ذكره: أن ما يحْصُلُ به الرجوع: إما قول، أو فعل: والقول ينقسم إلَى لفظٍ يستعمله الموصي لغرض الرجوع، وإلى لفظٍ يستعمله لغَرَضِ آخر، لكن يقع من لوازمه الرجوع، وإلَى غيرهما:
والفعل ينقسم إلَى ما يشعر [بقصد] التصرُّف الذي يقع من لوازمه الرجوع، وإلَى ما يبطل اسم الموصَى به، وإلى غيرهما:
والثالث مِن كل نوعٍ لا أثر له، بقي القسمان الأوَّلاَن من كُلِّ نوع، وهي الأربعة المذكورة في الكتاب.
ولا ينبغي أن يُحْمَلَ قوله:"صريح الرجوع" على اللفظ الدالِّ على الرجوع بالوضع؛ لأنه عَدَّ من هذا القبيل قوله:"هذا لوارثي" معلوم أنه غير موضوع للرجوع، بل صريحُ الرجوع محمُول على ما لا يقصد استعماله، إلاَّ الرجوع، وما يتضمن الرجوع؛ على ما يقصد به غير الرجوع، إلاَّ أنه يلازمه الرجوع، كما سبق، ولا بأس بأن يفسر لفْظُ الرجوع في قوله:"وللرجوع أسباب" بالبطلان والانتقاص؛ لأنه أدرج في مسائل الباب انهدامَ الدَّار الذي لا فِعْل للموصى فيه، ولا اختيار، ومثل هذا لا يجوز أن يُعَدَّ رجوعاً منه، لكن يجوز أن يؤَثِّر في البطلان.