للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يُشْتَرَطُ في الوصي الذكورةُ، بل يجوز التفويضُ إلى النساء، رُوِيَ أن عُمَرَ -رضيَ الله عنهُ- أوصَى إلَى حَفْصَةَ -رضي الله عنها- (١).

فإذا حصلت الشروط في أم الأطفال، فهي أولَى من ينصب قَيِّماً، ولكن لا ولاية لها بالأمومة، كما بيناه في "الحجر" وعن أبي حنيفة: أنَّ لها ولايةَ الحِفْظ والإنْفَاق، دون البيع والشِّراء. وذكر الحنَّاطيُّ -رحمه الله- وجهاً أنه لا تجوز الوصَايَةُ إلَيْها، إذا أفرَّعْنَا على ظاهر المذهب، وهو أنَّها لا تلي، وهذا غير بعيدٍ من جهة المعنَى؛ نظراً إلَى أن في الوصاية ولايةً، وحقُّهُ الطَّردُ في جميع النساء.

واحتجَّ بعضهم على أنَّ للمرأة ولايةَ المَال في الجملة؛ بأن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال لهنْدٍ: "خُذِي مَا يَكفِيكِ وَوَلَدَكِ بالْمَعْرُوفِ".

وإذا وقفت عَلَى شرح الفصْل، أَعْلَمْتَ قوله في الكتاب "وكمال الحرية" بالحاء والميم والألف، وفي لفظ "الكمال" إِشارةٌ إِلى أن المكاتب، ومَنْ بعضُه حرٌّ، لا يُجْعَلُ وصيّاً.

وقوله: "والعدالة" بالحاء والألف.

وقوله: "ويجوز التفويض إلى النساء" بالواو ولفظ "القيِّم" في منصوب القاضي أشهر إلاَّ أنَّه بالحقيقةِ يشمل الوصيَّ، ومنصوب القاضي وقوله: "أولى من ينصب قيماً" يفيد أولوية الوصاية، إليها، ونصب القاضي إِيَّاها.

وقوله: "فإن لم تنصب فلاَ ولايةَ لها" معلم بالواو والحاء؛ لوجْهٍ حكيناه عن الإصطخريِّ في "كتاب الحجر"، والمسألة مُكَرَّرَةٌ، وقد ذكَرَهَا هناك (٢)، وإذا عاد، فلو لمَ يذكر "فإن لم ينصبِّ"، وقال: "لا ولايةَ لها", لحصل الغرض وقوله: "ولو أوصَى الكافر إلى كافر في أولاده الكفار جاز" مُعْلَمٌ بالواو، ولما سبق، وشرَطُوا على وجه الجواز أن يكون عدلاً في دينه، وقصد بقوله: "في أولاده الكفار" أنهم لو كانوا مسلمينَ، لم يجُزْ أن يلي المفوَّض إليه أمرهم، لكن لو لم يتعرَّض له، لم يَضرَّ؛ لأنه ذكر منْ بعْد أنَّه يشترط في الموصىَ أن تكون له ولاية على الأطفال، ولا ولاية للكافر على أولاده المسلمين.

قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَلَوْ كَانَ الوَصِيُّ أَمِيناً فَطَرَأَ الفِسْق انْعَزَلَ، فَإِنْ عَادَ أَمِيناً لَمْ يَعُدْ


(١) أخرجه أبو داود من طريق نافع عن ابن عمر تقدم في أول الوقف.
(٢) ثبتت في هامش أ: وقال الإصطخري: هي وليه في المال، مقدمة على وصي الأب, لأنها أحد الأهلين.

<<  <  ج: ص:  >  >>