للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للوصي في أنْ يوصِيَ إلَى مَنْ يرى، وهكذا وجدت التصوير في اختلاف العراقيين، وحكى أبو الفرج هذه الطريقة عن القَفَّال.

والثالث: في بعض الشروح أنَّ منهم من قَطَعَ بالجواز، وغَلَّطَ المُزَنِيَّ.

الثالثة: أوصَى إلى إنْسان، وأذن له في الوصاية إلَى غيره، فينظَرُ: إنْ لم يعيّن، بل قال: أوص بتَركَتِي إلَى من شئت، فأوصَى بها إلَى رجلٍ، فطريقان:

أصحهما (١): أنَّ في صحة الوصاية قولَيْن:

أحدهما: المنع، وهو ظاهر قوله في "المختصر" لأنَّ إِذنه قد بَطَلَ بالموت، فلا يجوز أنْ ينصب عليه نائب حَيْثُ لا إِذْنَ، كما لو وَكَّلَ وكيلاً، وأَذِنَ له في التوكيل، فعزله، ثمَ وكَّلَ الوكيلَ عنه، لا يجوز.

وأصحُّهما: عند صاحب الكتاب: الصِّحَة، وهو اختيار أبي إسحاق والقاضي [أبي الطيب وابن الصباغ -رحمهم الله- ووجَّهه أن للأب أن يوصي، فله أن يستنيب] (٢) في الوصاية، كما في الوكالة، وأيضاً: فإنَّ نظره للأطفال بَعْد الموت متَّبَعٌ؛ بدليلِ اتباع شرطه، فيما إذا أوصَى إلى رجلٍ إلَى أن يبلغ ابنه، وفي نظائره، وكذا لو أوصَى إلى رجلَيْن، وشرطُ استقلال أحدهما، إذا مات الثاني يتبع شرطه، وهذا القولُ يوافق مذهب أبي حنيفة ومالك.

والطريق الثاني: القطْعُ بالصحَّة (٣)، وحمل ما في "المختصر" على أنه قصد الردَّ على أبي حنيفة؛ حين قال: لو أوصى الوصي في أمر نفسه، كان وصيته وصية للموصي، فقال: لا يكون كذلك؛ حتى يتعرَّض لتركة الموصِي، وأمر أطفاله، وإِنْ عين، فقال: أوصي بتركتي إلى فلانٍ، فمنهم: مَنْ طرد القولَيْن، ومنهم: من قطع بالصحَّة؛ لأنَّه قطَع نظَرَ الوصي واجتهاده، فصار كما لو قال: أوصيتْ بعده إِلَى فلان.

فَرْعٌ: لو أَطلق، فقال: أوص إِلى مَنْ شئت، أو إِلى فلان، ولم يضفْ إلى نفسه، فتحمل على الوصاية عنه؛ حتى يجيء فيه الخلافُ، ويقطع بأنَّه لا يوصِي عنه وحكى "صاحبُ التَّهذيبِ" -رحمه الله- فيه خلافاً للأصحاب، وقال: الأصحُّ الثاني.

المسألة الثانية: لا يجوزُ نصْبُ الوصيَّ على الأولاد البالغين؛ لأنَّه لا يَلِي


(١) في ب: أظهرها.
(٢) سقط في: ز.
(٣) قال في الخادم: ظاهره أن الخلاف في الإيصاء عن الموصي، وعن نفسه لكن تعليل الرافعي صريح في أن الكلام في الإيصاء عن الموصي وهذا هو الذي فهم ابن الرفعة من كلام الرافعي فقال في الكفاية: فرض الرافعي الخلاف في الإذن في الإيصاء عن الموصي، وفرضه القاضي أبو الطيب وابن الصباغ والروياني في الإذن عن نفسه وقطعوا بالصحة فيما إذا أذن له أن يوصي عن الموصي.
قال صاحب الخادم: وبه صرح في البيان وساق لفظه ونقله عن الاستقصاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>