للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَاشِم، فَلاَ نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ؛ لمكانك الذي رفعك الله به منهم، فَمَا بَالُ إِخْوَانِنَا مِنْ بَنِي الَمطَّلِب، أَعْطَيْنَهُمْ، وَتَرَكْتَنَا، وإنَّمَا قَرَابَتُنَا وَقَرَابَتُهُم وَاحِدَةٌ؟ فَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الَمُطَّلِب شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ" (١) وَرُوِيَ أَنَّه قال: "لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ، وَلا إِسْلاَمٍ" وكان عثمان -رضي الله عنه- مِنْ بني عبد شمسٍ وجبير بن مطعم من بني نَوْفَل، وأَشَار النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-[بما ذكره] إِلى شأْن الصَّحِيفَةِ القاطعة الَّتي كتبها قريشٌ، وتبايَعُوا عَلَى ألا يجالس بني هاشم، ولا يبايِعُوهم، ولا يناكحوهم، وَبَقُوا عَلَى ذلك سنَةً، لم يْدخُلْ في بيعتهم بنو المطلب، بل خرجوا مع بني هاشم إلى بَعْضِ الشِّعَابِ، ثم فيه مسائل:

إِحداها: يشترك في استحقاق هذا السَّهمْ الغَنِيُّ والفقيرُ؛ لأَن العباس -رضي الله عنه- كان يأخُذُ منه، وهو غنيٌّ، وكذلك الكبيُر والصغيرُ، والذَّكَر والأنثى، ويروى أَنَّ الزُّبَيْر -رضي الله عنه- كان يأْخُذُ لأمِّه (٢)، ويعمم بالعطاء الغائِبَ عن مَوْضِعِ حصولِ الفَيْء، والحاضِرَ فيه.

وقال أَبو إسحاق -رحمه الله-: يُدْفَعُ هذا السَّهْمُ مما يحْصُلُ في كلِّ إقليمٍ إلى من فيه منْ ذوي القُرْبَى، فالحاصل من كفار الرُّومِ يُدْفَعُ إلى من في الشامِ والعراقِ من ذوِي القربَى، والحاصلُ من التُّرْك يُدْفَعُ إلى مَنْ بخراسان؛ لما في النقل من المشقَّة، ووجَّه ظاهِرِ المذْهَب بعموم الآية، وبأنه سهم يستحقُّ بالقرابة، فيستوي فيه القاضي والدَّاني؛ كالميراث، وأَما المشقَّة، فإِن الإمام يأمر أمناءه في كل إقليمٍ بضَبْطِ مَنْ فيه من ذوي القربَى، ولا يلزم نقْلُ كلِّ ما يحصُلُ من إقليم إلَى من في سائر الأَقاليم، بل الحاصلُ في كلَّ إِقليم يفرِّقه عَلَى ساكنيه، وإِن لم يتفق في بعْضِها شيءٌ، أَو لم يَفِ بمن فيه، إِذا وزع جميعُ السَّهْم عليهم، فحينئذٍ: ينقل بقدر الحاجة وذلك مما لا تعظم فيه المشقَّة.

قال إِمام الحرمين: ولو كان الحاصلُ من الفَيْء قدراً لَوْ وُزِّع عليهم، لم يسدَّ مسداً، فيقدَّم الأحوجُ فالأحوجُ، ولا يستوعب للضَّرورة، وتصيرُ الحاجة مرجَّحة، وإِن لم تكن معتبرةً في استحقاق هذا السَّهمْ.

الثانية: يشترط أَنْ يكون الانتسابُ بجهةِ الآباء، ولا يُدْفِع إلى أولادِ البَنَاتِ شَيْء، وكذلك فعل الأولون وعن القاضي الحسين -رحمه الله-: أن المُدْلِيَ بجهتَيْن يفضَّل على المدْلِي بجهةٍ واحدةٍ، كما يقدَّم الأخ من الأَبوَيْن على الأخ من الأب قال صاحب


(١) سقط في: ز.
(٢) قال الحافظ ذكره الشَّافعي. قوله: يروى أن الزبير كان يأخذ لأمه، أما المقبوض فذكره ابن إسحاق في السيرة في مقاسم خيبر، ولأم الزبير أربعين وسقاً، وأما كون الزبير كان يقبضه فينظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>