للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُعْطِي للأولادِ شيئاً؛ لأَنهم لا يقاتلون، وعلى الصحِيحِ: فيدفع إِلَيْه ما يتعهَّد منه للأَولادِ، أَو يتولَّى الاِمام تعهُّدهم بنفسه، أَو بمن ينصبه لذلك، ذكروا فيه قولَيْن، أَشبَهُهُما أوَّلُهُمَا.

الثانية: إِذا كان لَهُ عبْدٌ يقتنيه للزِّينة، أَو للتِّجَارة، لم يُعْطَ له، وإن كان يقاتِلُ معه، أَو يحتاج إِليه في الغزو؛ لسياسة الدوابِّ ونحوها، أعْطِيَ له، وكذا لو كان لَهُ عبدٌ يخدمه، وهو ممن يخدم، بل لو لم يكُن له عبْدٌ، واحتاج إِلَيْه، فيعطيه الإمامُ عبداً، ولا يُعْطَى إلاَّ لعبد واحد، وفي الزوجات يعطَى الزائدَةَ على الواحدةِ؛ لأَن نَهايَتهُنَّ أَربعٌ، والعبيد لا حَصْر لهم، وكان هذا في عَبِيدٍ الخدْمة، فأما الذين يتعلَّق بهم مصلحةُ الجهاد (١)، فينبغي أَن يُعْطَى لهم، كم كَانُوا (٢).

الثالثَةُ: يعطى المرتزق مؤنة فرسه، بل يعطى الفرس، إِذا كان يقاتِلُ فارساً، ولا فَرَسَ له، ولا يعطَى الدَّوابَّ الَّتي يتَّخِذُها للزينة وَنْحوِها.

الرابعةُ: يُعْطَى للزوجةِ الواحدةِ والزوجات، وإذا نكح جديدةً، زاد في العطاءِ.

وقوله: "في الكتاب ويسوي بينهم في الإِعطاء" أَي في أَن يعطي كل واحد منهم بقدر حاجته لا في القدر المعطى، ولا يفضل بعضهم على بعض لشرف النسب والسبق في الإِسلام والهجرة وسائر الخصال المرضية، بل يسوى بين الشريف وغيره كما يسوى في الإِرث بين البار والعاق، وفي الغنيمة بين الجريء والجبان؛ وهذا لأنهم يعطون بسبب ترصدهم للجهاد، وكلهم مترصدون له، وإلى التسوية ذهب أَبو بكر، وعلي -رضي الله عنهما- وكان عمر -رضي الله عنه- يفضل، وعن عثمان -رضي الله عنه- مثله (٣).

وحكى أَبو الفرج السرخسي أَن من أَصحابنا من قال بالتفضيل إِذا كان في المال سعة فيجوز أَن يعلم لهذا قوله في الكتاب "ويسوي بينهم في الإِعطاء فيعطي كل واحد


(١) أي لسياسة الدواب ونحوها.
(٢) قال النووى: كذا هو منقول، وإنما يقتصر في عبيد الخدمة على واحد حصلت به الكفاية. فأما من لا تحصل كفايته إلاَّ بخدمة عبيد، فيعطى لمن يحتاج إليه، ويختلف باختلاف الأشخاص. والله أعلم.
(٣) أخرجه الشَّافعي في الأم، وروى البزار والبيهقي من طريق أبي معشر عن زيد بن أسلم عن أبيه، قال: قدم على أبي بكر مال من البحرين، فقال: من كان له على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عدة فليأت، فذكر الحديث بطوله في تسويته الناس في القسمة، وفي تفضيل عمر الناس على مراتبهم، وروى الببهقي من وجه آخر من طريق عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده قال: أتت علياً امرأتان فذكر قصة وفيها: إني نظرت في كتاب الله فلم أر فيه فضلاً لولد إسماعيل على ولد إسحاق، قوله: وعن عمر مثله، قال البيهقي: روينا ذلك عن عثمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>