للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: مَنْ قاتل من أهل الكَمَال أكْثَرَ من غيره، فيُرْضَخُ له مع السَّهْم، كذلك ذكره المَسْعُودِيُّ، وصاحب "التهذيب" ومنْهم: مَنْ ينازع كلامه فيه، وقيل: يزاد من سهم المصالح ما يَلِيقُ بالحال.

الثالث: لو زَالَ نقصانُ أَهْلِ الرضْخِ فيعتْقِ العبد، واسلمَ الكافر، وبلغ الصبي قَبْل انقضَاءِ الحَرْب، أسهم لَهُمْ، وإنْ كان بعد انقضاءِ الحَرْب، فقد أطلق القاضي المَاوَرْديُّ: أنه ليس لهم إلاَّ الرَّضْخ، وينبغي أنْ يجيء في الزَّوال بَعْد انقضاءِ الحَرْب وقبل حيازة المالِ [الخلافُ الذي سنذكره في استحقاق مَنْ حضر بَعْدِ انقضاء الحَرْبِ وقبل حيازة المال] (١).

قَالَ الْغَزَالِيُّ: أَمَّا السَّلَبُ فَهُوَ ما يُوجَدُ مَعَ القَتِيلِ مِنْ ثِيَابِهِ وَسِلاَحِهِ وَزِينَتِهِ يَسْتَحِقُّهُ قَاتِلُهُ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ القَتِيلُ مُقْبِلاً وَالقَاتِلُ رَاكِبَاً لِلغَزْوِ، فَلَوْ رَمَى مِنْ حِصْنٍ، أَوْ مِنْ وَرَاءِ الصَّفِّ وَقُتِلَ، أَوْ كَانَ القَتِيلُ مُنْهَزِماً أَوْ غَافِلاً فَقُتِلَ لَمْ يَستَحِقَّ، وَيسْتَحِقُّ بالإِثْخَانِ، فَإِن قَتَلَهُ غَيرُهُ فَالسَّلَبُ لِلمُثْخِنِ، فَإنْ اشْتَرَكَا في الإِثْخَانِ فَالسَّلَبُ لَهُمَا، وَإذَا أَسَرَ كَافِراً اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ (و)، وَفِي اسْتِحْقَاقِ رَقَبَتِهِ إِذَا رُقَّ، أَوْ بَدَلِهِ إِذَا فَادَى نَفْسَهُ قَوْلاَنِ، وَالذِّمِّيُّ لاَ يَسْتَحِقُّ (و) السَّلَبَ، وَفِي مُسْتَحِقِّ الرَّضْخِ إِذَا قُتِلَ خِلاَفٌ، وَالخَاتَمُ وَالسِّوَارُ والمَنْطِقَة مِن السَّلَبِ عَلَى الأَظْهَرِ (و)، وَالحَقِيبَةُ المَشْدُودَةُ عَلَى فَرَسِهِ، وَكَذَا الجَنِيبَة لَيْسَ مِنَ السَّلَبَ عَلَى الأشْهَرِ، وَفِيمَا مَعَهُ مِنَ الدَّنَانِيرِ قَوْلاَنِ، وَالأَشْبَهُ بِالحَدِيثِ أَنَّهُ لاَ يَخْرُجُ الخُمُسُ مِنَ السَّلَب.

قَالَ الرَّافِعِيُّ (٢): السَّلَبُ للقاتل؛ لما رُوِيَ أنَّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم-: أُعْطَى سَلَبَ مَرْحَبٍ يَوْمَ


(١) سقط في: ز.
(٢) [السلب هو ثياب القتيل وآلات حرية كالسيف، والرمح، والدرع والدابة التي يركبها والتي تكون بجانبه، وما معه من حلي ومال على خلاف لبعض الفقهاء في بعض ما ذكر] والأمر فيها هيّن يسير. واختلف الفقهاء في أنَّ السلب حق للقاتل أو حقّ للإمام إن شاء وعد بالتنفيل به وإن شاء وضعه في الغنيمة.
فذهب الإمام الشَّافعي، وأحمد، والليث، وغيرهم إلى أن السلب للقاتل بشروط ذكرت في كتبهم سواء قال الإمام من قتل قتيلاً فله سلبه أم لا، فاستحقاق القاتل له حكم شرعي ثابت في نفسه لا يتوقف على جعل الإمام وقال الحنفية والمالكية والثوري: إن القاتل لا يستحق إلا أن يشترط له الإمام، وهو عندهم من النفل.
استدل الشَّافعي، ومن معه بقوله -صلى الله عليه وسلم- في حديث طويل متفق عليه عن أبي قتادة: "مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلْبُهُ" وبما رواه أحمد وأبو داود عن أنس رضي الله عنه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال يوم حنين: "مَنْ قَتَلَ قَتِيْلاً فَلَهُ سَلْبُهُ، فَقَتَلَ أبُو طَلْحَةَ عِشْرِيْنَ رَجُلاً وَأَخَذَ أَسْلاَبَهُمْ" فهذان الحديثان صريحان في أن السلب للقاتل واستدل الحنفية، ومن وافقهم بعموم قوله تعالى: {واعْلَمُوا أَنَّمَا =

<<  <  ج: ص:  >  >>