للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فُقِدَ البَعْضُ فَيُرَدُّ عَلَى البَاقِينَ، أَوْ يُنْقَلُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَظْهَرُهُمَا الرَّدُّ عَلَى البَاقِينَ لِعُسرِ النَّقْلِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: المسألة تتضمَّن صوراً:

إِحداها: استيعاب الأصناف الثمانية واجبٌ عند القدرة (١)، ولا يجوز تخصيصُ بعضهم بإعطاء الزكاة.

وقال أبو حنيفة وأحمد -رحمهما الله- يجوزَ تخصيصُ بعض الأصناف، وبعضُ آحادِ الصنف. وعن مالك: أنه يجوز الصرْفُ إلَى من هو أشدُّ حاجةً من الأصناف.

لنا: أنَّ الله تعالَى أضاف الصدقاتِ إلى الفقراء والمساكينِ (٢) وغيرهما بحرف "اللام" كما يقول القائل: هَذِهِ الدَّارٌ لزيْدٍ، ولعمرو، ولبكر، أو يوصى للفقراء والمسَاكينِ والغارمينَ، وذلك يمنع تخصيصَ بعض المذكورين، فكذا هاهنا، هذا إذا قسم الإمامُ، وكان هناك عاملٌ، فإن قسم المالك بنفسه، أو لم يكن عاملٌ، سقط سهم العامل، ويقسم على الأصناف السبعة، وروى الحَنَّاطيُّ عن النص: "أنه إذا قسم بنفسه، سقط سهم المؤلَّفة أيضاً، وتكون القسمة على ستة أسهم"، وهكذا هو في "فتاوى القتال" -رحمه الله-، والأول النقلُ الظاهر، وكذا سائر الأصناف ومهما فُقِدَ بعضهم، يقَسَّم الصدقة على الباقين (٣)، وليس كما لو أوصى لرجلَيْن، فرد أحدهما، يكون المردود للورثة دون الباقي؛ لأن المال للورثة، لولا الوصية، والوصية تبرُّع رُخِّصَ فيه، فإذا لم


(١) ومحل وجوب الاستيعاب إذا لم يقل المال، فإن قل بأن كان قدراً لو وزعه عليهم لم يسدّ لم يلزمه الاستيعاب للضرورة بل يقدم الأحوج فالأحوج أخذاً من نظيره في الفيء. (قاله الزركشي).
(٢) تعقب بأنه ليس في الآية ما يدل على عدم الاجتزاء بإعطاء صنف من الثمانية، بل ليس فيها ما يدل على وجوب استيعاب الثمانية أو ما وجد من الثمانية، بل وردت أحاديث تدل على خلاف ذلك، وذكر الطبري في تفسيره من طريق عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في هذه الآية قال: في أي صنف وضعته أجزأك، ورواه عبد الرزاق من وجه آخر، ورواه الطبري عن عمر وجماعة من التابعين بأسانيد صحيحة، ويدل لذلك حديث معاذ بن جبل: خذها من أغنيائهم فضعها في فقرائهم، وفي النسائي عن عبد الله بن هلال الثقفي قال: جاء رجل إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: كدت أقتل بعدك في عناق أو شاة من الصدقة، فقال: لولا أنها تعطي فقراء المهاجرين ما أخذتها. قاله الحافظ.
(٣) إذ المعدوم لا سهم له.
وقال ابن الصلاح: والموجود الآن، ويراد الوقت الذي يعيش فيه أربعة أصناف: فقير وغارم ومسكين وابن سبيل وقال ابن كج: سمعت القاضي أبا حامد يقول: أنا أفرق زكاة مالي على الفقراء والمساكين لأني لا أجد غيرهم إلا المكاتبين والعاملين عليها إذ العاملين عليها لا بد من توليتهم بأمر من السلطان ولم يكف الحاكم أحد في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>