غيرنا، وغايته الإشارة إلى خلاف في المسألة، لكن لا يعرف به المخالف من هو، وأنه ماذا يقول، ولا نعني عن الرموز التي هي عادة الكتاب، فليكن قوله:"هو أفضل" معلماً بالحاء؛ لأن عند أبي حنيفة الأفضل في صلاة الصبح الإسفار بها، وفي العصر التأخير ما لم تتغير الشمس، وفي العشاء التأخير ما لم يجاوز ثلث الليل، وساعدنا في المغرب على استحباب التعجيل، وكذلك في الظهر إذا لم يشتد الحر، وليكن معلماً بالميم أيضاً، لما روي عن مالك، أنه يستحب تأخير الظهر إلى أن يصير الفيء قدر ذراع، وفي العصر أيضاً يستحب التأخير قليلاً.
والثاني: أن قوله: "تعجيل الصلاة أفضل" يشمل الصلاة كلّها.
وقوله بعد ذلك:"يستحب تأخير العشاء على قول، ويستحب الإبراد" استثناء في الحقيقة عما أطلقه أولاً وإن لم يكن لفظه لفظ الاستثناء. وينبغي أن يعلم قوله:"ويستحب الإبراد" بالواو للوجه الصائر إلى أنه رخصة.
قال الرافعي: إذا اشتبه عليه وقت الصلاة بغيم، أو حبس في موضع مظلم، أو غيرهما اجتهد، واستدلَّ عليه بالدرس والأعمال والأوراد وما أشبهها.
ومن جملة الأمارات صياح الديك المجرب إصابة صياحِهِ الوقت، وكذلك أذان المؤذنين في يوم الغيم، إذا كثروا، وغلب على الظن لكثرتهم أنهم لا يخطئون.
والأعمى يجتهد في الوقت كالبصير. وإنما يجتهدان إذا لم يخبرهما عدل عن دخول الوقت عن مشاهدة. فلو قال رأيت الفجر طالعاً والشفق غارباً، فلا مساغ للاجتهاد ووجب قبول قوله. ولو أخبر عن اجتهاد فليس للبصير القادر على الاجتهاد تقليده، والأخذ بقوله، وهل للأعمى ذلك؟ فيه وجهان:
أصحهما: نعم، ويسوغ له الاجتهاد، والتقليد جميعاً، ويترتب على هذا الاعتماد على أذان المؤذن، فإن كان بصيراً لم يعتمد عليه في يوم الغيم، لأنه يؤذن عن اجتهاد، ويعتمد عليه في يوم الصحو، إذا كان المؤذن عدلاً عالماً بالمواقيت، لأنه يؤذن عن مشاهدة، وإن كان أعمى فهل يعتمد عليه؟ فيه الوجهان المذكوران في جواز التقليد له وحكى في "التهذيب" وجهين في تقليد المؤذن من غير فرق بين الأعمى والبصير.
وقال: الأصح الجواز، واحتج عليه بقوله -صلى الله عليه وسلم-: "الْمُؤَذِّنُونَ أمَنَاءُ النَّاسِ عَلَى