للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالت طَائِفَةٌ: المقتضي أنها تعرض أن تراجع فقد تَحْمِلُهَا الرَّغْبَةُ في الْخَاطِبِ عَلَى أَنْ تَكْذِبَ في انْقِضَاءِ العِدَّة دَفْعاً للرَّجْعَةِ.

وَقَالَ آخَرْونَ: المقتضي أَنَّها مَجْفُوَّةٌ بالطَّلاَق، فَعَسَاهَا تكذب، إِذا وَجَدَت رَاغِباً مُسَارَعَةً إلى الانْتِقَام من الزَّوْجِ، والمعنيان مَفْقُودَانِ، في الْمتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَجَازَ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتِهَا. وفي البائنة وجد المعنى الثاني دون الأولِ، فكان على الخلاف والقائلون بهذا البِنَاءِ طردوا الْخِلاَفَ في المطلقة ثلاثاً وَفِي الْمَفْسُوخِ نِكَاحُهَا.

وقيل: إِنْ فَسَخَ الزَّوْجُ فعلى الْخِلاَفِ، وإِن فَسَخَتْ هي لم يَجَزْ التَّعْرِيضُ بِخِطْبَتَهَا قولاً واحداً، لأَنَّهَا رغبت عن صُحْبَتِه، فلا يؤمن كذبها في انقضاء الْعِدَّةِ إِذَا وَجَدَتَ رَاغِبًا.

والتَّصْرِيحُ في الخِطْبَةِ: أن يقولَ: أُرِيْدُ أَنْ نكاحك أو: إِذَا انْقَضَتْ عِدَتُكِ نَكَحْتُكَ، وإذا حللت فلا تفوتي على نفسك.

والتَّعْرِيضُ ما يحتمل الرغبة في النكاح (١) وغيره: كقوله: رُبَّ رَاغِبٍ فِيْكِ من يجد مثلك، وَأَنْتِ جَمِيْلَةٌ، وإذا حللت فأذينني وَلَسْتُ بِمَرغُوبٍ عَنْكِ، ولا تبقين أيِّمًا، ورُبَّ راغِبٍ في نِكَاحِكِ، وإنَّ اللهَ لَسَائِقْ إِلَيْكِ خَيْراً، وما أشبه ذَلِكُ. وَحُكْمُ جَوَابِ المَرأَةِ تَصْريحًا وَتَعْرِيْضَاً في هذه الصُّوَرِ حكم الخطبة، وجميع ما ذكرنا، فيما إذا خَطَبَهَا غَيْرُ صَاحِبِ العِدَّةِ، فأَمَّا إِذَا خطبها صَاحِبُ العِدَّةِ الَّتِي يَحِلُّ له نِكَاحُهَا، فله خطبتها صريحاً وتعريضاً، ثُمَّ في الْفَصْلِ مَسْألَتَانِ:

إحداهما: تَحْرُمُ الخِطْبَةِ على خِطْبَةِ الْغَيْرِ بَعْدَ صريح الإِجَابَةِ إلاَّ إِذَا أَذن ذَلِكَ الْغَيْرُ أو تركها (٢)، لِمَا رُوِيَ عَنِ ابنِ عُمَرَ -رَضِي اللهَ عَنْهُ- أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه


(١) سقط في ز.
(٢) قال المهمات: نص في الأم أنها لو أذنت لوليها أن يزوجها ممن تشاء صح وحل لك أحد خطبتها على خطبة الغير.
نقله الروياني قال في التوسط وعبارة البحر قال في الأم إذا أذنت لوليها أن يزوجها ولم تعين الزوج أو قالت زوجني ممن شئت أو ممن ترى حل لكل أحد خطبتها لأنه إنما منع من الخطبة على الخطبة لما فيه من الأضرار بالغير. وليس هاهنا شخص تعين له النكاح حتى يلحقه ضرر وإفساد بخطبة الغير عليه انتهى لفظه واختصره الإِسنوي فأفسده بقوله وحل لكل أحد أن يخطبها على خطبة الغير وما قاله صاحب التوسط ظاهر وقال المهمات أيضاً: لا بدّ مع الإِجابة من الإِذن لولي في تزويجه وإلا لم يحرم نص عليه في الرسالة في باب النهي عن معنى يدل على معنى في حديث غيره قال التوسط: ما ذكره بعيد من كلام الأئمة إذ كلامهم ناطق بأنها إذا كانت مستقلة لا تزوج إلا برضاها فحطت من نفسها فأجابت أنه يحرم الخطبة على خطبة المجاب لأن لم تكن أذنت للولي بعد وهو ظاهر. انتهى.
قال المهمات أيضاً هذا التقسيم كله ماش على الغالب في خطبة الرجال للنساء وقد نصوا على =

<<  <  ج: ص:  >  >>