للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أنَّ السَّابِقَ إلي الْفَهْمِ من إطلاقِ الأَكْثَرينَ، أن يكون سكوت الولي عن الجواب على الخلاف الذي مَرَّ، لكن ذكر بَعْضُهُم أنَّ سُكُوتَ الولي لا يمنع الخطبة قَطْعاً، كما أنّ السُّكُوتَ لا يمنع السَّومَ على السَّوم بخلاف سكُوتِ الْمَرْأَةِ؛ لأنها مَجْبُولَةٌ على الْحَيَاءِ فلولا الرِّضَا عند السُّكُوتِ لَبَادَرَتْ إلىَ الرَّدِّ.

وعن الدَّارِكِيِّ: أَنَّ الْخِلاَفِ في سكُوتِ الْبِكْرِ، أما الثَّيِّبُ فإن سُكوتَهَا لا يمنع الْخِطْبَةَ بحال.

فَرْعٌ: يَجُوزُ الْهُجُومُ عَلَى الْخِطْبَةِ للذي لم يدر أنها أخُطبت أم لا، ولم يَدْرِ أن الْخَاطِبَ أجيب أم رد ولذلك الجواب (١) واحتج له بخبر فَاطِمَةَ بنت قَيْسٍ، وَذَلِكَ أن زوجها طَلَّقَهَا فَبَتَّ طلاقها، فَأَمَرَهَا النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ تَعْتَدَّ في بيت ابن أُمِّ مَكْتُومٍ وقال لها: "إِذَا حَلَلْتِ فَأْذَنِيْنِي" فلما حلت أخبرته أن معاوية وأبا جهم قد خطباها، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لاَ مَالَ لَهُ، وَأَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلاَ يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ انْكِحِي أُسَامَةَ" (٢). والاستدلال أنه خطبها لأسامة بعد خطبة غيره لما لم يعلم أنها أجابت أوردت.

فَرْعٌ: وَلاَ فَرْقَ بين أن يكون الْخَاطِبُ الأَوَّلُ مُسْلِماً أو ذمِّيّاً وهذا إذا كانت المخطوبة ذمية.

وعن أبي عِيْدِ بنِ حربُوْيَه: أنَّ الْمَنْعَ مَخْصُوصٌ بما إذا كان مُسْلِماً، أَمَّا الذِّمِّيُّ فتجوز الخطبة على خطبته، وبمثله أجاب في السَّومِ على السَّومِ (٣).

الثانية: يجوز الصِّدقُ في ذكر مَسَاوِئ الْخَاطِبِ، ليحذر (٤)، بدليل خَبَرِ فَاطِمَةَ


(١) في ز: فكذلك الجواز.
(٢) أخرجه مسلم (٢/ ١١١٤) كتاب الطلاق: باب المطلقة ثلاثاً لا نفقة لها حديث (٣٦/ ١٤٨٠).
(٣) قال النووي: قال الصيمري: لو خطب خمس نسوة دفعة، فأذِنّ، لم يحلَّ لأحد خطبة واحدة منهن حتى يتركها الأول، أو يعقد على أربع فتحل الخامسة، وإن خطب كل واحدة وحدها، فأذنّ، حلت الخامسة دون غيرها. هذا كلامه، والمختار تحريم الجميع، إذ قد يرغب في الخامسة. قال أصحابنا: ويكره التعريض بالجماع للمخطوبة، ولا يكره التعريض والتصريح به لزوجته وأمته.
(٤) ذكر النووي في الأذكار والرياض أن ذلك واجب وهو المنقول عن صاحب الترغيب وفتاوى القفال والشيخ ابن عبد السلام والشيخ أبي عمرو بن الصلاح قال الخادم وهو قياس القاعدة الأصولية إن ما كان ممنوعاً منه إذا جاز وجب، كالختان وقطع اليد في السرقة وهو نظير ما قالوه في البيع أنه يجب على البائع ذكر العيب بالسلعة وكذا لو علمه الأجنبي قال المهمات دخل في عمومه ما لو استسير في نفسه وفيه نظر قال التوسط: كيف يقال يستحب أو لا يجب ولا يستحب والنية ظهر لي قديماً وفي شرح المنهاج وغيره أنه إذا استسير في أمر نفسه هل يذكر بعض =

<<  <  ج: ص:  >  >>