للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقسم الثاني: هو العصر والعشاء، فيجب على الجملة بإدراك وقت العصر الظهر، وبإدراك وقت العشاء المغرب، خلافاً لأبي حنيفة والمزني. قال صاحب "المعتمد" وقول مالك يشبه ذلك. لنا ما روي عن عبد الرحمن بن عوف وابن عباس -رضي الله عنهما- أنهما قالا: في الحائض تطهر قبل طلوع الفَجْر بِرَكْعَةٍ يَلْزُمُهَا الْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ (١). وأيضاً فإن وقت العصر وقت الظهر في حالة العذر، ففي حالة الضرورة -وهي فوق العذر- أولى. لماذا عرفت ذلك، فينبغي أن يعرف أن صاحب الكتاب إنما فرض الكلام في وقت العصر حيث قال في الفصل السابق: "كما لو طهرت الحائض قبل الغروب" لأن العصر من القسم الثاني، فأراد أن يرتب لزوم الظهر عليه بعد بيان حكم العصر، فقال: "وهل يلزمها الظهر بما يلزم به العصر .... " إلى آخره.

وشرح ذلك أن الشافعي -رضي الله عنه- بعد الجزم بأن الظهر قد يلزم إدراك وقت العصر اختلف قوله: في أنه بماذا يلزم فأصح قوليه: أنه يلزم بما يلزم به العصر، وذلك ركعة على قول، وتكبيرة على قول:

ووجهه: أنا جعلنا وقت العصر وقتاً للظهر، ومعلوم أنه لو أدرك من وقت الظهر ركعة أو تحريمة يلزمه الظهر، فكذلك إذا أدرك من وقت العصر، لأنا لا نعتبر إمكان فعل الصلاتين، فيكفي إدراك وقت مشترك.

والقول الثاني: أنه لا يلزم بل لا بد من زيادة أربع ركعات بعد ذلك القدر؛ لأنَّا إنما نجعلها مدركة للصلاتين حملاً على الجمع، وإنما يتحقق سورة الجمع، إذا تمت إحدى الصلاتين وبعض الأخرى في الوقت.

ثم الأربع الزائدة تقع في مقابلة الظهر أو العصر؟ فيه قولان: وليسا بمنصوصين لكنهما مخرجان، ولذلك عبر الصيدلاني وغيره عنهما بوجهين:

أصحهما: أن الأربع في مقابلة الظهر؛ لأنها السابقة، وعند الجمع لا بد من تقديمها وجوباً أو استحباباً على ما سيأتي في موضعه؛ ولأنه لو لم يدرك إلا قدر ركعة أو تحريمة -لما لزمه الظهر- على هذا القول الذي عليه تفرع وإذا زال قدر الأربع لزم الظهر، فدل على أن هذه الزيادة في مقابلة الظهر.

والثاني: أنها في مقابلة العصر لأن الظهر هاهنا تابعة للعصر في الوقت واللزوم،


(١) قال الحافظ في التلخيص (١/ ١٩٢)، رواه الأثرم والبيهقي في المعرفة من رواية محمد بن عثمان بن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جده، عن مولى لعبد الرحمن بن عوف عنه بهذا وزاد: وإذا طهرت قبل أن تغرب الشمس، صلت الظهر والعصر جميعاً، ومحمد بن عثمان وثقه أحمد ومولى عبد الرحمن لم يعرف حاله.

<<  <  ج: ص:  >  >>