للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= فتكون من الأنكحة الصحيحة.
فذهب الجمهور إلى القول بتحريمها، وانها من الأنكحة الفاسدة التي تفسخ مطلقاً قبل الدخول وبعده، وهو مذهب الأئمة الأربعة.
وذهب الإِمامية من الشيعة إلى القول بإباحة نكاح المتعة إلى يوم القيامة، بل منهم من تغالى في ذلك وقال إنها قربة، وعليه فالخلاف في المتعة بين الجمهور والإمامية، ولما لم أجد كتاباً من كتب الإِمامية أثق به لأستطيع استيفاء الكلام على مذهبهم في المتعة رأيت أن أكتفي بما قاله شرف الدين الصنعاني، وهو من علماء الشيعة، فإنه بعد أن ذكر الحديث عن علي قال ما نصه، والحديث يدل على تحريم نكاح المتعة للنهي عنه، وهو النكاح المؤقت إلى أمد مجهول أو معلوم، وغايته إلى خمسة وأربعين يوماً، ويرتفع النكاح بانقضاء الوقت المذكور في التقطعة الحيض، والحائض بحيضتين، والتوفى عنها بأربعة أشهُرٍ وعشر ولا يثبت لها مهر ولا نفقة، ولا توارث، ولا عدة إلا الاستبراء بما ذكر، ولا نسب يثبت به إلا أن يشترط، وتحرم المصاهرة بسببه هكذا ذكره في بعض كتب الإِمامية وأنا أذكر دليل الإمامية والرد عليه.
استدل الإِمامية على القول بإباحة المتعة بالكتابة، والأئمة والعقول، والإجماع أما الكتاب فقول الله تعالى: {فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} فإنهم حملوا الاستمتاع في الآية على المتعة، وقالوا المراد بقوله تعاَلى: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أجر المتعة، ومما يؤيد أن الآية في المتعة قراءة أبي وابن عباس "فما اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهنَّ إِلَى أَجَلٍ" فهي صريحة في المتعة.
وأما الأثر: -فألا ما روي أن ابن عباس وإن يفتي بالمتعة، ووجه الدلالة من هذا أنهم قالوا لو لم تكن المتعة مباحة لما أفتى بها ابن عباس إذ لا يليق بمثله أن يفتي بها مع أنها محرمة.
وثانياً: -بما روي عن جابر -رضي الله عنه- قال تمتعنا على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر وصدر من خلافة عمر، ثم نهانا عمر، ووجه الدلالة من هذا أن جابراً -رضي الله عنه- أخبر أنهم استمتعوا في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي خلافة أبي بكر وفي صدر مَن خلافة عُمَرَ، وهذا يدل على أن المتعة مباحة، وإنما نهى عنها عمر من باب السياسة الشرعية.
وأما المعقول: -فقد قالوا إنها منفعة خالية من جهات القبح، ولا نعلم فيها ضرراً عاجلاً، ولا آجلاً، وكل ما هذا شأنه فهو مباح، فالمتعة مباحة.
وأما الإجماع: -فإنهم قالوا أجمع أهل البيت على إباحتها.
وتناقش هذه الأدلة: التي تمسك بها الإِمامية بما يأتي:-.
أما الآية فيقال لهم فيها أنها بمعزل عن الدلالة لكم، إذ هي محمولة على النكاح الدائم، وما يجب للمرأة من المهر كاملاً إذا استمتع بها الزوج، ويؤيد هذا أنها وردت في سياق الكلام على النكاح بالعقد المعروف بعد الكلام على أجناس يحرم التزوج بها، وتسمية المهر أجراً لا يدل على أنه أجر المتعة، فقد سمي المهر أجراً في غير هذا الموضع كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ} أي مهورهن، وكقوله تعالى: {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} أي: مهورهن، وأما قراءة أُبَيّ وابن عباس، فهي شاذة، والقراءة الشاذة لا تعارض القطعي وهي الآية الدالة على التحريم، وهي قوله تعالى: {إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} مع أن الدليلين أن تساويا في القوة وتعارضا في الحل والحرمة قدم دليل الحرمة =

<<  <  ج: ص:  >  >>