لم يُسوِّ واعلم أن الشارع بين الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ، ولم يَضَعْهَا في منزلته، فَقَدْ جَعَلَ لَهُ دونها الأمامة، والقضاء، والجمعة والجماعة، وفرض عَلَيْهِ الْجِهَادَ في سبيل الله، والقيام بنفقتها. وَلَمْ يُسَوِّ بينهما في الشَّهَادَةِ إذ جَعَلَ شهادة الرَّجُلِ الوَاحِدِ تعادل شهادة امرأتين؛ وفي الإِرث إذ جَعَلَ حَظِّ الرَّجُلَ مثل حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ. وفي الزوجية جعل العصمة بيده لا بيدها، وهكذا في مواضع كثيرة نجد الشارع الحكيم تعبد الرجل بما لم يتعبد به المرأة، واختصه بَمَزِيد تكَالِيفٍ لم تتعده إليها. وقد جَعَل الشارع للرجل القوامة العامة عليها بقوله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}. وفيما نحن بصدده "وَهوَ عَقدُ النِّكاحِ" سلبها الشارع حق مباشرته لنفسها، أو لمن تليه، وجعل ذلك من حقِّ الرَّجُلِ وحده. ولولا أن في تكوين المرأة الجسماني والعقلي ضعفاً يعوقها عن النُّهُوضِ بكل ما نَاطَ به الرجل من هذه الأواصر والتكاليف لما وُجدت هذه الفوارق بين المرأة والرجل. (١) سقط في ز.