وَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: إنْ كَانَتْ صغيرة، فله تزويجها دليلنا ما رُوِيَ -أَنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَيْسَ لِلوَلِيُّ مَعَ الثَّيِّبِ أَمْرٌ" (١) والجد كالأب في جميع ما ذكرناه على ظاهر المذهب المشهور.
وَحَكَى أبُو عَبْدِ اللهِ الحَنَّاطِيُّ قولاً: أَنَّ الجد لا يجبر البكر البالغة كالأخ.
ويروى هذا عن مالك، وهو فيما حَكَى الْمُوَفَّقُ بْنُ طَاهِرٍ اختيار ابن القَاصِّ، وأبي الطيب بن سلمة. وعند أحمد: لا يجوز إجبار الصغيرة ولا الكبيرة، وهذه رواية عند مالك، ووجه ظاهر المذهب أن له ولادة وعصوبة فأشبه الأب، وأيضاً فإنه كالأب في ولاية الْمَالِ وفي وجوب النَّفَقَةِ وحصول العتق فكذلك هنا.
ثم هنا مسائل:
الأولى: لا فرق بين أن تحصل الثيوبة بوطء حلال، أو بوطء شبهة، أو بزنا، وفي هذه الأحوال أيضاً يعتبر إذنها.
وقال أَبُو حَنِيْفَةَ: المصابة بالفجور حكمها حكم الأبكار، وعن مالك مثله.
وفي شرح "المختصر" الجويني أن أبا إسْحَاقَ اختاره وحكاه عن القديم.
وعن أحمد؛ روايتين كالمذهبين.
لنا أنها ثَيِّبُ، بدليل دخولها في الْوَصِيَّةِ للِثَّيْبِ فيعتبر نطقها للإخبار وإن زالت البكارة بالسقطة، أو الإِصبع أو حدة الطَّمْثِ، أو طول التعنيس فظاهر المذهب أنَّها كَالأبْكَارِ؛ لأنها لم تمارسَ الرِّجَالَ وهي على غباوتها وحيائها.
وعن أبي علي بن خيران، وابن أبي هُرَيْرَةَ: أنها كالثَّيِّبِ لزوال العُذْرَةِ.
وحكى الْقَاضِيُ ابنُ كَجٍّ عن القاضي أبي حَامِدٍ سماعاً: أن التي وطئت مجنونة، أو مكرهة، أو نائمة حكمها حكم الأبكار لنفاذ الحياء وهذا خلاف ظاهر المذهب.
وفي المصابة في غير المأتي وجهان:
أصحهما: أن حكمها حكم الأبكار.
الثانية: إذا التمست البكر البالغة التزويج وقد خطبها كفؤ فعلى الأب، أو الجد
(١) أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان. من حديث معمر، عن صالح بن كيسان عن نافع بن حبيب، عن ابن عباس وزاد: واليتيمة تستأمر، وإذنها إقرارها، ورواته ثقات قاله أبو الفتح القشيري، ويقال: إن معمراً أخطأ فيه، يعني أن صالحاً إنما حمله عن عبد الله بن الفضيل عن نافع بن جبير، وهو قول الدارقطني.