للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القديم -وبه قال أحمد-: أنهما سواء؛ لأن أخوة الأم لا تفيد ولاية النكاح، فلا يرجح بخلاف الإِرث، فإنَّ أخوة الأم تفيده.

وأصحهما -وَهُوَ الْجَدِيْدُ وبه قَال أَبُو حَنِيْفَةَ ومالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُما- والمزني: أنه يقدم كما في الميراث لزيادة القرب والشفقة، وليس كُلُّ ما لا يفيد لا يرجح؛ ألا ترى أنَّ الْعَمَّ من الأبوين يُقَدَّمُ على الْعَمِّ من الأب في الميراث، وإن كان العم من الأم لا يرث، ويجري القولان في ابني الأخ والعمين، وابني العم إذا كان أحدهما من الأبوين، والآخر من الأب وامتنع الإِمام من طرد الخلاف، فيما إذا كان [لها] (١) ابنا عم أحدهما أخوها من الأم أو ابنا ابن عم أحدهما ابنها، توجيهًا بأن المعتمد في تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب أن اجتماع القرابتين قد يوجب قوة عصوبته، وهي عصوبة تفيد ولاية التزويج، وأخوة الأم في ابن العم لا تفيد عصوبة أصلًا، والبنوة في الصورة الأخرى تفيد قوة العصوبة، لكنها عصوبة لا تفيد ولاية التزويج، والأكثرون اكتفوا في طَرْدِ الْخِلاَفِ بزيادة القرابة الموجبة لزيادة الشفقة.

وقالوا في الجديد: يقدم الأخ والابن [ولو كان] (٢) لهما ابنا عم أحدهما من الأبوين، والآخر من الأب، لكنه أخوها من الأم، فالثاني أولى؛ لأنه يدلي بالأم، والأول يدلي بالجد والجدة، ولو كان لها ابنا ابن عم أحدهما ابنها والآخر أخوها من الأم، فالابن أولى؛ لأنه أقرب من الأخ، ولو كان لها ابنا معتق أحدهما ابنها، فهو مقدم على الآخر.

وبهذا أجاب ابن الحداد لكنه ذكر في التفريع أنه لو أراد المعتق نِكَاحَ عتيقته وله ابن منها وابن من غيرها زوجها منه ابنه منها دون ابنه من غيرها، وهذا غلط عند مُعْظَم الأَصْحَاب مِن جهة أن ابن المعتق لا يزوجها في حياة المعتق؛ لأنه يدلي به؛ كما لا يزوج ابن الأخ مع الأخ، فهذا خطبها المعتق زوجها السُّلْطَانُ، وإنما يفرض من ابنه التزويج بعد موته، وهذا كله في الجديد.

وفي القديم: يسوى في الصور.

الثالثة: الابن في الميراث أولى الْعَصَبَاتِ، وفي التزويج لا ولاية له بالبنوة خلافًا لأبي حنيفة -ومالك وأحمد -رحمهم الله-؛ لأنه لا مشاركة بين الأم والابن في النسب، ولا يعني بدفع العار عن النسب؛ ولهذا لم نُثبت الولاية للأخ من الأم، فإن كان هناك مشاركة بأن كان ابنها ابن ابن عمها، فله الولاية، وكذا لو كان معتقًا أو قاضيًا، أو فرضت قرابة أخرى تتولد من أنكحة الْمَجُوسِ، أَوْ مِنْ وطء شُبْهَةٍ بأن كان ابنها أخاها أو


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: فلو بان.

<<  <  ج: ص:  >  >>