أحدهما: أَنَّ أَبَا الْمُعْتَقَةِ هُوَ الَّذِي يُزَوِّجُهَا وَإِنْ مَاتَتْ الْمُعْتَقَةُ؛ لأنه كان أولى بتزويج المعتقة، فَيُسْتَدَامُ هذا الْحُكْمُ في حق العتيقة.
والثَّاني: حكاه الشَّيْخُ أبُو الْفَرَج السَّرْخَسِيُّ: أنه يزوج العتيقة في حياة المعتقة أيضًا ابنها؛ لأنه أحقّ بالعصوبة والولاء، وَهذا قد نقله الإِمَامُ أيضًا عن رواية الشَّيْخ أبي علي فَقَالَ: إنه حَكَى وَجْهَيْنِ فيما إذا كانت المعتقة حية أنه يزوج العتيقة أيضًا أبوها أو ابنها لكنه يتبين عند إمعان النَّظَرِ في كلام الشَّيْخُ أنه أراد حكاية الوجهين عند موتها لا في حياتها، وليعلم لما شرحناه.
قوله في الكتاب: "وتزويج العتيقة إلى ولي السيدة" بالواو وكذا قوله: "أبو العتيقة" -وكذا قوله: "وابنها بَعْدَ مَوْتِهَا".
فروع: مهما اجتمع عدد من عصبات المعتق في درجة كالبنين والأخوة، فهم كالأخوة في النَّسَبِ إذا زوجها أحدهم برضاها صح، ولا يُشْتَرَطُ رضي الآخرين.
ولو أعتق الأَمَةَ اثنان، فلا بدّ من رضاهما، فإما أن يوكلا أو يوكل أحدهما الآخر، أو يباشرا العقد معًا؛ لأن كُلَّ وَاحِدٍ مِنِ المُعْتَقِيْنَ إنما يثبت له الولاء على بعضها بحسب الملك، فكما يعتبر اجتماعهما على التزويج قبل الإِعتاق يعتبر في التزويج بعده. وإذا كَانَ المعتق واحدًا، فالولاء على الجميع له، وَكُلُّ وَاحِدٍ من ابنيه قائم مقامه في تزويج عتيقته. ولو أراد أحد المعتقين أن يتزوج بها لم يجز إلاَّ بموافقة السلطان للآخر. ولو مات أحدهما عن ابنين، أو أخوين كفي موافقة أحدهما المعتق الآخر.
وَلَو مَاتَ كُلُّ وَاحِدٍ منهما عن ابنين كفي موافقة أحد ابني هذا أحد ابني ذلك.
ولَوْ مَاتَ أحدهما وورثه الآخر استقل بتزويجها؛ لأنه استحق الولاء على جميعها.
فَرْعٌ: لو كان المعتق خُنْثَى مشكلًا ينبغي أن يزوجها أبوه بإذنه، ليكون قد زوجها وكيله بتقدير المذكورة، أو وليها بتقدير الأنوثة.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَالرَّقِيقَةُ نِصْفُهَا يُزُوِّجُهَا المَالِكُ مَعَ الوَليِّ أَوْ مَعَ الْمُعْتِقِ أَوْ مَعَ القَاضِي فَفِيهِ ثَلاَثةُ أَوْجُهٍ.
قال الرافِعِيُّ: في التي بعضها حر وبعضها رقيق وجهان:
أصحهما: أنه يجوز تزويجها وعلى هذا فالبعض الرقيق يتعلق تزويجه بمالكه، وفيمن يُزَوَّجُ معه اختلاف مبني على أنَّ مثل هذا الشَّخْصِ هل يورث؟.
وفيه قولان قدمناهما -فإن قلنا بالجديد- وهو أنه يورث؛ فوجهان:
أصحهما: وبه أجاب ابنُ الْحَدَّادِ: أنه يزوجها معه الولي القريب فإن لم يكن