أحدهما: أنَّ الزَّوْجَيْنِ في النِّكَاح بمثابة الثَّمَنِ والمثمن في البيع وَلاَ بُدَّ من تسمية الثَّمَنِ والمثمن في الْبَيْعِ فَلاَ بُدَّ من تَسمِيَةِ الزَّوْجَيْنِ في النِّكَاحِ.
والثاني: أَنَّ الْبَيْعَ يرد على المال وأنه يقبل النقل من شَخْصٍ إلى شَخْصٍ، فيجوز أن يَقَعَ الْعَقْدُ للوكيل، ثم ينتقل إلى الموكل والنِّكَاحُ يرد على البضع، وأَنه لا يقبل النقل، ولهذا لو قبل النِّكَاحَ وِكَالَةً عن غَيْرِهِ، وأنكر ذلك الغير الوكالة لا يصح النِّكَاحُ.
ولو اشترى بالوِكَالَةِ وَأَنْكَرَ الوِكَالَةَ وَقَعَ الْعَقْدُ لِلْوَكِيلِ.
ولو قال وَكِيلُ الزَّوْجِ أَوَّلاً: قَبِلْتُ نِكَاحَ فُلانَةٍ مِنْكَ لِفُلاَنٍ.
ثم قال وَكِيلُ الوَلِيِّ: زوجتها من فُلاَنٍ جاز، ولو اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ زَوَّجْتُهَا ولم يقل مِنْ فُلاَنٍ، فَعَلَى الخلاف السابق، وإذا قَبِلَ الأَبُ النِّكَاحُ لابنه بالوِلاَيَةِ فيقول المُزَوِّجْ: زوجت فلانة من ابنك ويقول الأب: قَبِلْتُ النِّكَاحَ لابني، وهذا كله؛ لأَنَّ التزويج يقع من الموكل والوالي، عليه لا مِن الْخَاطِبِ، والبيع يتعلق بالمخاطب دون من له العقد كما بَيَّنَّا في "الوكالة".
ولهذا لو قال: زوجها من زيد، فقبل النِّكَاحَ لِزَيْدٍ وكيله صَحَّ، ولو حَلَفَ ألاَّ ينكح فقبل له وكيله يحنث، فلو قال: بع من زيد فَبَاعَ من وكيل زيد لا يصح، ولو حلف لا يشتري فاشترى له وكيله لم يحنث.
وَهَذِهِ صُوَرٌ أُخَرُ، فيما يتعلق بالتوكيل إذا كانت ابنته منكوحة أو معتدة، فقال: إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وانقضت عِدَّتُهَا، فقد وكلتك بتزويجها، ففي "التَّهْذِيْبِ" أنه على القولين كما لو قال: إذا مضت سَنَةٌ فقد وَكَّلْتُكَ بتزويجها واللهُ أَعْلَمُ.
وهذا جواب على أنه لو قال: وكلتك بتزوج ابنتي إذا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا يصح كما إذا قال زوجها: إذا مضت سَنَةٌ؛ لكن في صحة هذا التوكيل وَجْهٌ آخَرُ: وقد ذكرنا حالهما في "الوكالة".
ولا يشترط في التوكيل بِالتَّزْوِيجِ ذكر الْمَهْرِ لكن لو سمى قدرًا لم يصح التزويج بما دونه كما لو قال: زوجها في يوم كذا، أو في مكان كذا، فَخَالَفَ الْوَكِيلُ لَم يَصِحْ. ولو أطلق التوكيل فزوج الوكيل بما دون مَهْرِ الْمِثْلِ، أَوْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِلْمَهْرِ أو نفاه، فيه خلاف نورده في آخر الباب الثاني من "كتاب الصداق"؛ لأن صاحب "الكتاب" ذَكَرَ ما يُقَارِبُ الْمَسْأَلَةَ هناك.
ولو وَكَّلَ رجلًا بقبول نِكاَحِ امرأة وسمى مَهْرًا لم يصح القبول بما زاد عليه، وَإنْ لَمْ يسم فليقبل نكاح امرأة تكافئه بمهر المثل، أو أقل فإن قَبِلَ نِكَاحَ من لا تكافئه لم يصح، وإن قبل بأكثر من مهر المثل أو بغير نقد البلد أو بعين من