للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستمرٌّ على ظاهره؛ لثبوت الخلاف فيهما، ثم الظاهرُ في العَبْدِ المنع، وفي الأَمةِ الجوازُ.

الثَّانِيَةُ: أمَةُ المرأة، يُنْظَر في حالها، إن كانت مالكتها محْجُوراً علَيْها، فقد سبق، وإلاَّ، فيزوجها وليُّ المرأة تَبَعاً لولايته على المالكة، ولا فرْقَ بين الوليِّ بالنسب وغيره، ولا بَيْن أن تكون الأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ عَاقِلَةً أو مَجْنُونَةً، كَبِيرَةً أو صَغِيرَةً.

وذكر الإِمام؛ أن صَاحِبَ "التَّلْخِيصِ" قال: لا يزوِّجها الأولياءُ بالأسباب الخاصَّة؛ لأنه ليس بينهمَا وبينهم سَبَبٌ، ولا نسب، ولكن يزوِّجها السلطان بالولاية العامة، وهذا غَيْرُ مَشْهُورٍ عنه، ولا مذكور في "التَّلْخِيصِ"، وإنما المشهور والمذكُور أن معتقة المرأة يزوِّجها السلطان، وَقَد حكَيْنا ذلك عنه من قبل، ثم لا حَاجَة في نِكَاح الأمة إِلَى إذنها، ولا بُدَّ منْ إذْن المالكة لفظًا، ولا يكفي ثبوت الْبِكْر في نكاح أمتها؛ لأنها لا تستَحِي في نكاح أمتها (١).

الثالثة: أعتق في مرضه أمَة، قَالَ: ابن الْحَدَّادِ: لا يجوز لوليِّها الْحُرِّ من الأب والأخ أو غيرهما تزويجُها، حَتَّى يَبْرَأَ أو يموت، وتخرج هي من الثلث؛ لأنها إنما تَعْتِقُ بتمامها على هذَيْن التقديرَيْنِ، فلا يجوز نكاحُهَا حَتَّى تعرف حريتها، وهذا كما لو أسْلَمَ الكافر وتخلفت زوجته، نَصَّ الشَّافِعِي -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- على أنه لا يجوز له أن ينكح أختها لاحتمال أن المتخلفة تُسْلِمُ قبل انقضاء العدة، وساعده بَعْضُ الأصحاب عَلَى ما ذكره، وهو الذي أورده القاضي ابنُ كَجٍّ.

وقال الأكثرون، منْهم ابن سرَيجٍ وأبو زَيدٍ: يجوز لوليِّها تزويجُها؛ لأنا في ظاهر الحالِ نحْكُم بحريتها، فلا يمتنع العقْدُ بالاحتمال، ولهذا لَوْ مَاتَ، وخرجت من الثلث، نحكم بعتقها، ويجوز تزويجها، وإن كان يحتمل أن يظهر عليه دَيْنٌ، يمنع خروجها من الثلث، وليس هذا كَنِكَاحِ أختِ المُشْرِكة، فإن الظَّاهِرَ هناك بقاءُ النِّكَاحِ، ولهذا لو أسلَمَتْ في العدَّة، تبين دوام النِّكَاح، وهنا المريض هو المالِكُ والأصل بقاؤه، ويعود العتقُ، علَى أن أبا زيد جعل نِكَاَحَ أختِ المشركة على قولَيْن، فيسوي بين الصورتَيْن، ويقرب بين المسألتَيْن نكاح المرتابة بالحمل، وسيأتِي في كتاب "العِدّةِ" إن شَاءَ اللهُ تَعَالَى، فإن حكمنا بالصحَّة، فهو حكم بالظاهر، وحقيقة الأمر تتبين آخراً، فإن تحققنا نفوذ العتْق، تحقَّقنا مضيَّ النِّكَاح على الصحَّة، وإلاَّ، فينظر في إجازة الورثةِ ورَدَّهم، إن ردُّوا بَانَ فَسَادُ النِّكَاحِ، وانَ أجازوا، فإن جعلْنا الإِجازة


(١) قال الأذرعي: هذا في الناطقة، فإن كانت خرساء مفهمة كفت إشارتها، والظاهر أنه إذا زوج أمة العاقلة الرشيدة بإذنها على المشهور كان له تزويج أمة الصغيرة والمجنونة وغيرها بلا إذن لأنه تصرف لها في مالها على وجه النظر لها كما أسلفناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>