للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الركن الثاني من القسم الثاني وتبلغَ سَبْعَةَ عَشَرَ، ثم منها ما هو أوضَحُ منْ أن يفتقر إلى تطويل؛ لكونها منكوحة الغير ومنها ما نتكلَّم فيه في غير هذا الباب لكونها ملاعنة، ومعظمها المحتاجُ إلَى الشَّرْحِ والْبَسْطِ يَقَعُ في هذا القسم، وقد حَصَرَهُ الْمُصَنِّفُ في أربعة أَجْنَاسٍ:

أَحَدُهَا: المَحْرَمِيَّةُ، وهي الوصلة المُحَرِّمَة للنكاح أبداً، وَلَهَا ثَلاثةُ أَسْبَابٍ القَرَابَةُ، وَالرَّضَاعُ، وَالْمُصَاهَرَةُ.

السَّبَبُ الأَولُ: القَرَابَةُ، ويحرم منها سبعةٌ، وهي الْمَذْكُورَاتُ في قَولِهِ تَعَالَى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} إِلَى قوله: {وَبَنَاتُ الْأُخْتِ} [النساء: ٢٣] ولا يحرم بنات الأعمام وَالْعَمَّاتِ والأخْوَال والخالاتِ، قَرُبْنَ أم بَعُدْنَ، وأمُّك كلُّ أنْثَى ولدَتْكَ أَوْ وَلَدَتْ منْ ولَدَتْكَ، ذكراً كان أو أُنْثَى، بواسطة أو بغَيْر واسطة، وإن شِئْتَ قلتَ: كلُّ منْ ينتهي إلَيْها نسبُكَ بالولادة، بواسطة أو بغير واسطة (١)، وبنتك كل أنثى ولدتها، أو ولدت من ولدها ذكراً كان أو أنثى بواسطة، أو بغير واسطة، وإن شِئْتَ قُلْتَ: كُلُّ أُنْثَى ينتهي إليك نَسَبْهَا بالولادة بواسطة، أو بَغَيْرَ واسِطَةٍ. وأختُكَ: أنثى وَلَدَهَا أبَوَاكَ أَو أحدُهُما، وبنتُ أختِك منْهما [كبنتك] (٢) منك، وعمَّتُكَ: كل أنثى هي أختُ ذكَرٍ وَلَدَكَ بواسِطة، أو بغير واسطة، وقد تكون من جهة الأم كأختِ أبِ الأمِّ، وخالتُكَ: كُلُّ أنثَى هي أخت أنثَى ولدتْكَ بواسطة، أو بغير واسطة، وقد تكون منْ جِهَةِ الأب، كأخت أم الأب، وضبطهن الأصحاب بعبارتين:

إحداهما: قال الأستاذ أَبُو إسْحَاقَ الإسْفَرايِينيُّ: يحرم على الرجُلِ أصولُهُ وفصولُهُ وأصولُ أوَّلِ أصوله؛ وأوَّلُ فصْلٍ منْ كَل أصل بعده، أي: بعد أول الأصول، فالأصول: الأمهاتُ، والفصول: البنات، وفصول أول الأصول: الأخواتُ وبناتُ الأخِ والأختِ، وأوَّلُ فصْلِ من كل أصل بعد الأصل الأول: العماتُ والخالاتُ، وَهَذهِ العِبَارَةُ هِي الْمَذْكُورَةُ في الكتاب، لكنه قال: "وَأَوَّلُ فَصْلٍ منْ كُلِّ أصْلٍ وإن عَلاَ"، وهذا يدخل فيه الأخواتُ مرةً أخرَى؛ لأن الأبَ والأمَّ منْ الأصول، وهن أول فصولهما، فالأحْسَنُ التقييد كما ذكره سائر الأئمة.


(١) قال الأذرعي: هل ثبوت التحريم لشمول الاسم لهن أو للإِلحاق لمشاركتهن في المعنى وهو الولادة فيه وجهان يجزمان في بنات البنين وبنات البنات وإن سفلن، وكذا في بقية المحرمات إذا طلعن درجة أو نزلنها كعمة الأب والأم وخالة الأب والأم وبنت ولد الأخ أو الأخت. قاله الماوردي فعلى الأول يكون ما فسر به المصنف حقيقة وعلى الثاني يكون مجازاً وقد قال الشَّافعي أن كلاً تسمى أماً فيجوز أن يريد الحقيقة، ويحتمل أن يريد أعم من ذلك.
(٢) في ز: كبنيك.

<<  <  ج: ص:  >  >>