للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأشبههما: لا، بل يُلْحَق بِمْأمَنِهِ كَمَنْ نَبَذَ الْعَهْدَ إِلَيْنَا، ثُمَّ هُوَ حَرْبٌ لَنَا، إِن ظَفِرْنَا بِهِ، قَتَلْنَاهُ، وإنْ انْتَقَلَ يَهُودِيٌّ، أو نَصْرَانِيٌّ إلى المجوسية، هَلْ يُقَرُّ بالجزية.

فيه القولان، وَحَكَى أَبُو الفَرَجِ الزاز طَرِيْقَةَ قَاطِعَةً بالمنع لكون المُنْتَقَلِ إلَيْه دون الأَوَّل، فَإِنْ قلْنا: لا يُقَرُّ، ففي القناعة منه بالعود إلى ما كان عليه القولان، وإذا أَبَى، ففي القَتْلِ أو الإِلحاقِ بِالْمَأمَنِ، الِقولان، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ، فلا تَحِلُّ ذَبِيْحَتُهُ، ولا النِّكَاحُ، إن كان هَذَا الانتقال من امْرَأَةٍ، ولو كانت في نكاح مسلم، تنجزت الفرقة، إن كان قبل الدخول، وَإِلاَّ، فَإِنْ أسلمت قبل انقضاء العدة، أو عادت إلى ما كانت عليه وقنعنا به دام النكاح بينهما، وإلاَّ، بانَ حُصُولِ الفُرْقَة من وقت الانتقال، ولو تمجَّست كتابيةٌ تحت كتابي، فَإِنْ كانوا لا يعتقدون جوازَ نكاحِ المجوس، فكما لو تمجَّسَت تحْت مسْلِم، وإلاَّ، فنقرِّرُهما، إِذَا أسْلَمَا، ولو تهوَّد أو تنصَّر مَجُوسِيٌّ، ففي التقرير القولان، وإذا لم نقرَّر، فالتفريع كما سبق، ولا تحلّ ذبيحته، ومناكحَتُهُ بحال؛ لأن الانْتِقَالِ، من دِينٍ بَاطِلٍ إِلَى دِينٍ بَاطِلٍ لا يفيد فَضْيِلَةَ لم تكن، وعند أَبِي حَنِيْفَةَ يفيدها.

الضرب الثاني: لو [توثن] (١) يهوديٌّ، أو نصرانيٌّ، لم يُقَرَّ عليه؛ لأن الانتقالَ من دينٍ، بَاطِلٍ إِلَى دِينٍ بَاطِلٍ، يُبْطِلُ الفضيلة التي كانَتْ، وهل يقنع منه بالعَوْد إِلَى ما كان عليه أم لا يُقْبَلُ منه إلا لإِسلام؟ فيه القولان السابقان، وهاهنا قَوْلٌ ثَالِثٌ، وهو أنه يُقْنَعُ منه بالانتقال إلَى دِينٍ آخَرَ يساوِي المنتقل عنه؛ بِأَنْ كان يهودياً، فَتَنَصَّرَ الآن، أو بالعَكْس، وإذا وجد هذا الانْتِقَالَ من كتابيَّة تحت مسْلِم، انفسخ النكاح، إِن كان قبل الدخول، وإن كان بعْده، فإن رجَعَتْ إلى الإِسلام قبل انقضاء العدة، أو إلَى ما انتقلتْ عنه في القوْلِ الثاني، أو إلَى ما يساويه في القول الثالث، [استمر] (٢) النكاح، وتبين الفراقُ من وقْت الانتقال، ولو تَوَثَّنَ مَجُوسِيٌّ، لم يُقَرَّ عليه، وفي القناعة منه بالعَوْد إلى ما كان عليه القولان، وقِيَاسُ الْقَولِ الثَّالِثِ في الصورة الَّتي مَضَتْ أنْ يقنع منه بالتَّهَوّدِ، والتَّنَصّرِ؛ لأن كُلاًّ عنهما خَيْرٌ من التمجُّس.

الضرب الثالث: لو تهوَّد أو تنصَّر أو تمجَّس وَثَنِيٌّ، لم يُقَرُّ عليه، يُقْبَلْ مِنْهُ إلا الإِسْلاَمُ؛ كالمرتد (٣)؛ لأنه كان لا يُقرُّ، فلا يستفيدُ هذه الفضيلةَ من الدِّين الباطلِ الذي انتقل إِليه.


(١) سقط في ز.
(٢) في ز: اسم.
(٣) قال الأذرعي: هذا الكلام يقتضي أنه إن لم يسلم قتلناه كالمرتد، والوجه أن يكون حاله كما قيل الانتقال حتى لو كان له أمان لم يتغير حكمه بذلك، وإن كان حربياً لا أمان له قتل إلا أن يسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>