قالوا: وليْسَتُ رَدَّةُ الزوجين كإسْلاَمهما؛ لأنَّهما إذا أسْلَما، مكنا من الوطء بخلاف ما إِذا أَسلم أَحدهما، وإذا ارتدَّا، لم يمَكَّنا، كما لو ارتدَّ أَحدهما، فخالف حكم إسلامهما حكم إِسلامِ أَحدهما، ولم يخالفْ حكم [ردتها حكم ردة أحدهما](١).
إذا عرف ذلك، فمهما حَكْمنا بالتوقُّف، لم يجز الوطء لكن لو جَرَى، لم يجب الحدُّ، ووجبتِ العِدَّةِ، وهما عدتان من شَخْصٍ وَاحِدٍ، فهو بمثابة ما لو طَلَّقَ امْرَأةٌ، ثم وطئها في العِدَّةِ، وسيأتي حكْمُهُ في "باب العدة" إن شاء الله تعالى، وليكنِ اجتماعُهُمَا في الإِسْلام ههنا بمثابة الرجعة هناك، حَتَّى يَسْتَمِرَّ النكاح إذا جمعهما الإِسلام في الحالات التي يحكم فيها بثبوتِ الرَّجْعة هناك، والقولُ في أنه، هل يجب مَهْرٌ بهذا الوطء في حكم مهْرِ النكاح، إذا انفسخ بالردَّة، قد تعْرِض له في الكتاب في غير هذا الموضع، ولو طلَّقها في مدة التوقّف، أو ظاهر منْها أَو آلي تَوَقَّفْنَا، فإِنْ جمَعَها الإسْلامُ قبل انقضاء مدة العدة، تبيَّنَّا صحَّتَها، وإِلاَّ، فَلاَ، وليس للزَّوْج، إِذا ارتدَّتِ الزوجة أَن ينكح في مدة التوقُّف أختها، ولا أَربعاً سواها ولا أَن ينكح أَمَةً، وإن كان ممَّن يجوز له نكاح الإِماء؛ لاحتمال عودها إلى الإِسْلاَمِ واستمرار النكاح، فإِن طلَّقها ثلاثاً في مدة التوقُّف، أَو خالَعَها، جاز له ذلك لأنها إِن لم تعُدْ إِلى الإِسلام فقد بانت ينقض نكاحها من وقت الرِّدَّةِ، وإنْ عادَتْ، فمن وقت الطلقات الثلاث، أَو الخُلْعِ.
القسم الثالث: الانتقالُ من دِينٍ بَاطِلٍ إِلى دينٍ حق، وفيه يقَعُ "بَابُ نِكَاحِ المشركات" الَّلاتِي عَلَى الأثَر.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: منَ أَحدُ أَبويه كتابِىُّ، والآخرُ وثنيٌّ أو مجوسي يَقَرُّ بالجزية على الصحيح من خلاف سيأْتِي في "كتاب الجزية" إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى، أَمَّا مناكحته، أَو مناكحة مَنْ أَحَدُ أَبويه يهوديُّ أَو نصرانيٌّ، والآخر مجوسيٌّ، فيُنْظر؛ إِن كان الأَبُ كتابياً، فقولان:
أحدهما: ويُحْكَى عن مَالِكٍ - (رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) - أَنَّها تَحِلُّ؛ لأَن الانتساب إلى الأبِ، والأبُ كتابيّ.
وأصحهما: المنع، وبه قال أَحمد؛ تغليباً للتَّحْرِيم، كما أَن المتولِّد بين المأَكول وغير المأكول حرامٌ وإِنْ كانَتِ الأُمُّ كتابيَّةً، لم تحلَّ؛ قولاً واحدًا وبه قال أَحَمْد.
وقال أَبو حنيفة: تحلُّ، سواءٌ كان الأَب كتابياً، والأُمُّ كتابيةً، ويجعل تبعاً لخير