للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الرَّافِعِيُّ: ذكروا في الأَنكحة الجارِيَةِ في الشِّرْك ثلاث مقالات:

أصحُّهما: أنها محكوم لها بالصحَّة (١)، لقوله تعالَى: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] وقال تعالى: {وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} [القصص: ٩] وَعَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ: "وُلِدتُّ مِنْ نِكَاحٍ لاَ مِنْ سِفَاحٍ"؛ ولأنهم لو ترافَعوا إِلينا، لا نبطِلُه، ولا نفرَّق بين رجالهم ونسائهم، وأيضاً، فإنه يقرر عليه بعد، الإسلام، والفاسد لا ينقلب صحيحاً بالإِسلام، والتقريرُ على الفاسِد محالٌ.

والمقالة الثانية: أَنها فاسدة؛ لأَنهم لا يراعون حدود الشَّرْع وشروطه، لكن [نفرق] (٢) لو ترافَعُوا إِلَيْنا رعايةً للعهد والذِّمَّة، وِإذا أَسلموا، نُقرِّرهم تخفيفاً وعَفْواً.

المقالة الثَّالثة: أنا لا نحْكُم لها بصحَّة ولا فساد، ولكنُ نتوقَّف إِلى الإسْلاَم فما يقرِّر عليه إِذا أسلموا تبين لنا صحته، وما لا يقرر تبين فساد، وُيرَوى عنَ القَفَّالِ ما يَقْرُب من هذا وهذه المذاهب حكاها صَاحِبُ الْكِتَابِ أقوالاً، وأكثر من أَوردها في نقل الوجوه، نعم في "التَّتِمَّةِ" المصيرُ إلى الْفَسَادِ قولٌ قديمٌ، وبه قَالَ مَالِكٌ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- ومِنَ الأَصْحَابِ مَنْ قَطَعَ بصحة أَنكحتهم، ونفي الخلافَ في المسأَلة، إِذا ثَبَتَ الخلاف، فهو مَخْصُوصٌ بالعقود التي يَحْكُمُ بفساد مثلها الإِسلامُ أَو يجْرِي في مطْلَقِ عقودهم؟.

قضيَّة كَلام أَبي سعد الْمْتَوَلِّي، وغيْرِهِ الأَولُ في "النهاية" "أَن من يحكم بفساد


(١) لا خفاء أن مراد المصنف بالكفار الكفار الأصليون، وأما نكاح المرتدين فباطل، وعبارة الشيخ البلقيني في التدريب وكل نكاح صدر بين كافرين أصليين فهو صحيح إن صدر على وفق الشرع وقول المصنف محكوم بصحتها أحسن من تعبيره النووي في المنهاج بأنه صحيح لأن الصحة حكم شرعي ولم يرد الشرع به.
قال في الخادم: والتحقيق أن يقال إن وافقت الشرع فهي صحيحة وإلا فهي محكوم بصحتها وأخذه من كلام شيخه البلقيني في التدريب كما قدم قريباً حيث قال فهو صحيح إن صدر على وفق الشرع.
واستثنى الشيخ البلقيني من أنكحتهم خمس صور لا يقرون عليها مطلقاً:
إحداها: نكاح المحرم ولكن لا يتعرض على المشهور لمجوسي ونحوه نكح محرماً ما لم يترافعا إلينا لنفقة ونحوها أبطلناه.
الثانية: نكاح زوجة غير الناكح مع استمرار زوجية الأول.
الثالثة: الغصب في ذميين أو حربي وذمية.
الرابعة: النكاح المؤقت إذا اعتقدوه مؤقتاً.
الخامسة: إذا نكحها بشرط الخيار مطلقاً لهما أو لأحدهما.
(٢) في ز: يقرون.

<<  <  ج: ص:  >  >>