للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على المستعدي عليه الحضورُ، وإِن قلْنا: لا يجب الحكم، لم يجب الإِعداء، [ولا يلزمه الحضور] وإِذا أعدى، كان المستعدي عليه بالخيار في الحُضُور، ولا يحْضُر جَبْراً، وفي "التَّهْذِيبِ" وغيره أَن الذِّمِّيَّ، إِنْ أَقر بالزِّنَا، يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ جَبْراً، إِن قلْنا بِوُجُوب الْحُكْم بَيْنَهُمْ، وكذا لو سَرِقَ مَالَ مُسْلِمٍ أَو ذِمَّيٍّ، يقطع جبراً، وإن قلْنا: لا يجب اَلحكم بينهم، فلا يقام الحدّ إِلا برضاه، واعتبرا الرِّضَا على قولِ عَدَم الوجوب، وإِن لم يعتبروه علَى قول الوجوب، ويمكن على أَن يجعل قولُه، "ولا نحكم إِلا إِذا رضي الخَصْمَانِ جميعاً بحُكْمنا"؛ من تتمة قوله "ولا يجبُ في المعاهِدِينَ، فيستمر الكلام من غير مخالفةٍ".

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَو طُلِبَتْ نَفَقَةٌ في نِكَاحِ بَلاَ وَلِيٍّ وَلاَ شُهُودٍ حَكَمْنَا، وَإِنْ طُلِبتْ في نِكَاحِ مُحرَّمٍ أَوْ مُعْتَدَّةِ في الحَالِ لَمْ نَحْكُمْ، وَفِي المَجُوسِيَّةِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: مَقْصُودُ هذه البقية بَيَانُ أنَّ الْحُكُمَ بينَ أَهل الذِّمَّةِ أَوْجَبْنَاهُ أَو لم نُوجِبْ إِنَّما يكون على مُوجِبِ الإِسْلام، وإِذا ترافَعُوا إِلَيْنا في أَنكحتهم، فنقرِّرهم على ما نقرِّرهم عليه، أو أَسلموا، أَو نبطلْ ما نبطله، لو أسلموا؟ فإذا كان الكافرُ قد نكح امْرَأَةً بلا وَلِيٍّ، ولا شُهُودٍ، أَو ثَيِّباً بغير رضاها، وترافَعُوا إِلينا، قرَّرناهم، وحكَمْنا في هذا النكاح بالنَّفَقَة، وكذا لو نَكَحَ معتدَّةً، والعدَّةُ منقضية عنْد الترافُعِ، وإِنْ كانَتْ معتدَّةً بعدُ، ألغيناه، ولم نحكم بالنفقة ولو نكح المجوسيُّ محرماً، وترافَعَا في طلَبِ النفقة، فكذلك (١)، ولو طلبتِ المجوسيةُ النفقة من الزوج المجوسِّي، أو اليهوديِّ، فوجهان، وكذا في تقريرِهِمَا على النِّكَاح.

الظاهر التقريرُ، والحكم بالنفقة، كما لو أسلما، والتزما أحكام الدين.

والثاني: الْمَنْعُ، وَبهِ قَالَ الإِصْطَخْرِيُّ واختاره القاضي حسين، ورجَّحه الإِمام؛ لأنَّ الْمَجُوسِيَّةَ لا يجوز نكَاحُها في الإسْلاَم، فَكَذَلِكَ لا يجوز تقرير نكاحِها، ولو جاءنا كافراً وتحته أُخْتَانِ وَطَلَبَتا فرض النفقة.

قال الإمام: فيه تردُّدٌ؛ لأَنا نحكم بصحَّة نكاحهما، وإِنَّما تندفع إحداهما بالإِسلام، قاَل: والذي أَرى القَطْعَ به المنْعُ؛ لقيامِ المانع، وحيثُ لا نقرِّر في هذه الصورة، فالقاضِي المرفوع إِليه مُعْرِضُ عنهما، أَو يُفرِّق بين الزوجين؟ فيه وجهان:


(١) وإن نكح المجوسي محرماً ولم يترافعا إلينا لم يعترض عليهما لان الصحابة رضي الله عنهم عرفوا من حال المجوس أنهم ينكحون المحارم ولم يعترضوهم فإن ترافعا إلينا في النفقة أبطلنا نكاحهما ولا نفقة لانهما بالترافع أظهرا ما يخالف الإِسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>