للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا: أنه يختار أيَّتهما شاء، كما لو أسلم، وتحته أُختان، فإن اختار البنت، استقر نكاحُها، وحُرَّمت الأُمّ على التأبيد، وإِن اختار الأُمِّ لم تُحَرَّمِ البنتُ على التأبيد، بل لو فارق الأمَّ قبل الدخول، حَلَّ له نكاح البنت.

والثاني: وهو اختيار المُزَنِّي: أَن البنْتَ تتعيَّن وتندفع الأم؛ لأن نكاح البنْتِ يدفع نكاح الأُم، ولا ينعكس، وقد يُعبَّر عن الغرض بعبارة أخْرَى، فيقال: له إِمساكُ البنْتِ لا محالة، وهلْ له إمساكُ الأمَ؟ فيه قولان، والقولان مبنيانِ عند أَكثر الأئمَّة على الخلاف في صحَّة أنكحتهم، إن صحَّحناها، تعيَّنتِ البنْتُ، وحرمت الأم أبداً وإِلا تخير وقضية هذا البنَاءِ ترجيحُ القول الذي اختاره المُزَنِيُّ، وهو تعْيِينُ البنت، وإِلَيْه ذهب الشَّيْخَانِ أبُو عَلِيٍّ وَالصَّيْدَلاَنِيِّ، والإِمَامُ، وَصَاحِبُ "التَّهْذِيبِ"، وصاحب "الكتاب" وغيرهم.

ورجَّحِ الشيخ أَبُو حَامِدٍ ومن تابعه قوْلَ التخيير، ووافقهم الشيخ أَبو إِسْحَاقَ الشَّيْرَازِيُّ وفَرَّع ابنُ الحداد حُكْمَ المهر على القولَيْن هنا فقال: إِن قلنا بالتخيير، فللمفارقة نصْفُ المهر؛ لأَنه دفَع نكاحَها بإِمساك الأخَرى وإِن قلْنا بتعيين البنْت، فلا مهر للأم؛ لأنَّ نكاحها انْدفعَ بغَيْر اختياره وصنيعه.

وقال القَفَّالُ وغيره: الحكْمُ بالعكس، إِن خيَّرناه، فلا مهر للمفارقة؛ لأَن التخْيير مبنيٌّ على أَن أَنكحتهم فاسدة، [فالتي] (١) فارقها، كأَنه لم ينكحها قطٌّ، حتَّى جوَّز الأَصْحَابُ لابنه وأبيه نكاحَهَا؛ تفريعاً على هذا القول، وإِذا لم يَكُنْ نِكَاحٌ، ولا دخُولٌ فلا مهر، وإِن عَيَّنَّا البنْتَ، فللأم نصْفُ المَهْرِ لصحَّة نكاحها، واندفاعه بالإِسْلاَم، ومالَ الإِمامُ إِلَى أَنه لا يجبُ المَهْر [على هذا القول أيضاً] (٢)؛ لأنَّه صحَّ نكاح البنت، فتصير الامُّ محرماً، وإِيجاب المَهْرِ للمحرم بعيدٌ، وقد سبق نظير هذا.

الحالة الثالثة: إِذا دخَلَ بالبنْتِ دون الأُمِّ، فيقرر نكاح البنت؛ لأَنه لم يدْخُلْ بالأم، والعقد عليها لا يُحَرِّمُ البنت، ويحرم الأَم على التأبيد بالعَقْد على البنت أو الدخول، ولا مَهْرَ لها على قَوْله ابنِ الْحَدَّادِ، وعلى طريقة القَفَّالِ: يجِبُ نصف المهر إِن صحَّحنا أَنكحتهم.

الحالة الرابعة: إِذَا دَخَلَ بالأُمِّ دون البنت، حرمت البنت على التأبيد بالدخول بالأَم، وهل له إِمساكُ الأَم؟ يُبْنَى على القولين فيما إِذ لم يدْخُلْ بواحدةٍ منهما، إن خيَّرناه، فله إِمساكُ الأَم هاهنا، وإِن عيَّنَّا البنت، فلا، لأَن نكاح البنْتِ يحرِّمها، قال في "التهذيب": ولها مَهْرُ الْمِثْلِ بالدخول.


(١) في ز: فإذا.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>