للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَتَكُونُ عِدَّتهَا مِنْ وَقْتِ الْفَسْخِ فَإِنْ أَجَازَتِ ابْتَنَى عَلَى وقْفِ العُقُود، وَأمَّا العَبْدُ إنْ أَسْلَمَ عَلَى حُرَّةٍ فَلاَ خِيَارَ لَهَا.

قال الرَّافِعِيُّ: أَصْلُ الفَصْل أَنَّ عِتْقَ الأَمَّة تَحْتَ الْعَبْدِ من الأسَباب المبيِّنة للخِيَار على ما سيأتي، وقد تعتق المنكوحة في "مسائِلِ المُشْرِكَات" مع عروض الإِسلام، والغرضُ الآن بيان حُكْمه وفيه مسألتان:

الأُولى: إِذا نكح العبدُ الكافرُ أمةً في الكُفْر، ثم دَخَلاَ في الإسْلاَمَ وعتَقت الأُمةُ، فينظر؛ إِن عتقت بعد اجتماع الإِسلاميين، فهي كسائِرِ الإِمَاءِ يُعْتَقْنَ تحْت العبد، وليس ذلك من صُورَ الباب، وإن عتَقَتْ قبل اجتماع الإِسلاميين، فللمسألة حالتان، [والغرض فيما إذا كانَتْ مدخولاً بها] (١).

الحالة الأُولَى: أَن تسلم هي أَولاً، ويتخلَّف الزوج، فلَيْسَ لها الإجازةُ سواءٌ عَتَقَتْ، ثم أَسْلَمَتْ، أَو أَسلمت ثم أَعْتَقَتْ لأَنَّها تعرض البَيْنُونة، فلا يَلِيقُ بِحَالِها اختيارُ الإقامة، لأَنها مسْلِمَةٌ فكيف تقيم تحْتَ كافرٍ، ولا يبْطُلُ بهذه الإِجازة حقُّها ومن الفَسخ، وإِن [اختارت] (٢) الفسخ في الحال. يجوز؛ لأَنه يلائم حالَها، ولا يلزمها الانتظارُ إلَى أَن يظهر حالُ الزَّوْج من الإِسلام والإِصرار على الكُفْر، لأَنَّها، لو أَخرت الفَسْخ إِلَى ما بعد إِسلام الزَّوْج كانت عِدَّتْهَا من يومئذٍ، فيدفع بالتعجيل طُولُ التربُّص، ثُمَّ إِذا فسخت، فإِن أسلم الزوج قبل أَن تنقَضِيَ مدَّة عدتها، فالعدَّةُ من وقْت الفسْخ، وتعتدُّ عدةَ الحرائر، وإِن لم يُسْلِمْ إِلى أَن انقضتِ المدَّة فعدتها من وْقت إِسْلامها، ويلغو الفسْخُ؛ لحُصُول الفِراقِ قبله؛ وتعتدّ عدَّةَ الحَرائرِ، إِن عتَقَتْ، ثم أَسلمت، وِإن أَسلمت، ثُمَّ عتقت، فهذه أمة عتقت في أثناء العدَّة، فتكمل عدَّة الحَرَائر، أَم تقتصر على عدة الإِماء؟ فيه طريقان للأصحاب.

أقربهما: إِلَى قضية نَصَّ الشَّافِعِيِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- وهو الجواب في "الشَّامِلِ" وغيره أَنها كالرجعيَّة تُعْتَقُ في أَثناء العدَّة.

والأظهر: أَنها تكمل عدة الحرائر.

والثاني: أَنها كالبائنة تُعتق في أثناء العدة، والأظهر؛ فيها: الاقتصار على عدَّة الإِماء. وموضعُ الخلاف فيهما "كتاب العدة ووجه الإِلحاق بالرجعية تمكين الزوج من استيفاء النكاح، واستدراك الأمر بالإِسلام يمكنه هناك بالرجعة، ووجه الإِلحاق بالثانية أن البائنة لا تكونُ بينونتها بانقضاءِ العدَّة، وكذلك هذه التي أَسلَمَتْ، ثم عتقت، وأصر


(١) سقط في ز.
(٢) من ز: اجازت.

<<  <  ج: ص:  >  >>