للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: المسألة مذكورةٌ في "الأم" وليس فيها اختيار الفسخ، وإنما المذكور اختيارُ المقام، فلا أدْرِي مِنْ أَين زاد الْمُزَنِيُّ اختيار الفَسْخ ومنهم من أوّل فقال قد ذكر اختيار الفسخ والمَقَام معاً؛ لكنَّه أجاب عن اختيار المقام خاصَّة وقد يفعل الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- مِثْلَ ذَلِكَ.

المسألة الثانية: أسلم الزوْجُ الرقيقُ، هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِزَوْجَتِهِ الْكَافِرَةِ؟.

فيه وجهان:

أظهرهما: على ما ذَكَرَ الإمَامُ وَالْمُتوَلِّي: المنعُ، وبه قَالَ ابنُ أبي هُرَيْرَة: لأنها رَضِيَتْ بِرِقِّهِ أولاً، ولم يحدُثْ فيهَا عِتْقٌ.

والثاني: يثبت، وبه قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ؛ لأنَّ الرِّقَّ نَقِصِ في الإِسلام من حَيْثُ إن الرقيق لا يساوي الحرَّ في الإِسلام وفي الشرك يتميز الحرُّ عن الرقيق، وَهَذَا ظَاهِرُ النَّصِّ؛ لأنه قال "في الْمُخْتَصَرِ": ولو كان عبد عنْده إماءٌ وحرائرُ مسلماتٌ وكتابياتٌ ولمْ يَخْتَرْنَ فراقَهُ، أمْسَكَ اثْنَيْنِ بشَرْطِ ألا يخترن فراقه، ومن قال بالأول، ادَّعَى أنَّ الجواز يرجع إلى الإمَاء خاصَّة، والمراد ما إذا قال الدَّارِكِي: وهذا الخلاف في حَقِّ أهل الحرب، فأما الذِّمَّيةُ مع الذِّمِّيِّ، فَلاَ خِيَارَ لَهَا؛ لأنَّها رَضِيَتْ بأحكامنا، وقوله في الكتاب "وإن جازت ابْتَنَى على وقْفِ العقود" جهة الوقْف أن الإِجازة إنما تفيد بتقدير إسلام الزوج، أما إذا أصر فلا يُتَصوَّر إقامةُ المسلمةِ تَحْتَ الكافر، لكن تُخرَّجُ المسألة على وقْف العقود، ولم يذْكُرْه سائر الأصحاب، ولا تعرَّض له صاحبُ الكتاب في "الْوَسِيطِ" بل أطلقوا القول بِالْبُطلاَنِ عَلَى مَا مَرَّ.

وقولُهُ: "وَأَمَّا الْعَبْدُ، إِنْ أَسْلَمَ عَلَى حُرَّةٍ" قَدْ يُوهِمُ اختصَاصَ الكلام في الحرَّة، وأورد في "الوسيط" الوجهَيْنِ فيما إذا أسلَمَتِ الحُرَّة، ولا اختصاصَ لها بِالحُرَّة ولا بما إذا أسْلَمَتْ، بل هما جاريان في الحرَّة والأمة، وفيما إذا أسَلَمَتِ الزَّوْجة، وفيما إذا لم تُسْلِم، إذا كانتُ كتابيةً، لِذَلِكَ ذَكَرَهُ صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" وغيره، وقوله "ولا خيار لها" معْلَمٌ بالواو.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ اثْنَتَيْنِ أبَداً مِنَ الحَرَائِرِ وَالإِمَاءِ؛ لأَنَّ الأَمَةَ في حَقِّهِ كَالْحُرَّةِ، فَإنْ عَتَقَ قَبْلَ إِسْلاَمِهِنَّ الْتَحَقَ بِالحُرِّ فَلاَ يَخْتَارُ مِنَ الإِمَاءِ إلاَّ وَاحِدَةً وَيخْتَارُ مِنَ الحَرَائِرِ أَرْبَعاً، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُ حُرَّةٌ وَإِمَاءٌ انْدَفَعَ نِكَاحُ الإِمَاءِ، وَإِنْ أسْلَمَ مَعَهُ حُرَّتَانِ ثُمَّ عَتَقَ فأسْلَمَتِ البَاقِيَاتُ مِنَ الحَرَائِرِ فَلاَ يَزِيدُ عَلَى اثْنَتَيْنِ، لأَنَّهُ وَجَدَ كَمَالَ عَدَدِ العَبِيدِ قَبْلَ الحُرِّيَّةِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ وَاحِدَةٌ فَعَتَقَ ثُمَّ أَسْلَمَ البَاقِيَاتِ اخْتَارَ أَرْبَعاً؛ لأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ كَمَالُ العَدَدِ قَبلَ الحُرِّيَّةِ، وَلَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعِ إِمَاءٍ فَأَسْلَمَتْ ثِنْتَانَ، ثُمَّ عَتَقَ فَأَسْلَمَتِ المُتَخَلِّفَتَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>