للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَقْدَكِ، أو اخترتُكِ، أو أمسكْتُ نكاحَكِ، أو [أمْسَكْتُكِ] (١) أو ثَبَتَ نكاحُكِ، أو ثَبَّتُّكِ، أو حَبَسْتُكِ على النِّكَاح، وإيراد الأئمة يُشْعر بأنَّ جميع ذلك صريحٌ، لكنَّ الأقرب أن يُجْعَلَ قوله: اختَرْتُكِ، وأَمسَكْتُكِ من غير تعرُّض للنكاح كِنَايَةٌ (٢)، وإذا كان تحته ثَمَانِ نِسْوَةٍ مثلاً، وأسلمن معه، فاختار أَرْبَعاً منْهنَّ للفسخ، وهو يريدُ حلَّه بلا طلاقٍ، لزم نكاح الأربع البواقي، وإن لم يتلفَّظْ في حَقِّهِنَّ بشيءٍ ولوْ قَالَ لأربعٍ: أريدُكُنَّ، أو لأربعٍ: لا أريدُكُنَّ، قَالَ في "التَّتِمَّةِ": يحصُلُ التعْيينُ بذلك، وقياسُ ما سبَقَ حصُولُ التعْيين بمجرَّد قوله: أريدُكُنَّ (٣)، ثم فيه صورٌ:

الأولَى: إذا طلَّق واحدةً أو أربعاً مِنْهُنَّ، كان ذلك تَعْييناً للنكاح؛ لأن المنكوحة هي الَّتي تخاطَبُ بالطَّلاَق، ويقع عليها الطَّلاق، وينقطعِ نكاحُ الأرْبَعِ المطلَّقات بالطَّلاق، ويندفع نكاحُ الباقياتِ [بالفسخ] بالشَّرْع، ولو طلَّق أرْبعاً لا على التَّعْيينِ، أُمِرَ بالتعيين، وإذا عيَّن، فالحكم ما ذَكرْنا، هذا هو المشهور.

وفي "التَّتِمَّةِ" وَجْهٌ آخَرُ: أنَّ الطلاق ليْسَ تَعْييناً للنِّكاح؛ لأنه روى في قصة فيروز الدَّيْلَمِيِّ أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَهُ: "طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ" (٤) ولو كان الطَّلاقُ تعييناً للنكاحِ، لَكَانَ ذلك تَفْوِيتاً لنكاحهما علَيْه.

ولو ظَاهَر آلَى من واحدةٍ أو عَدَدٍ، فوجهان:

أحدُهما: أَنَّ ذلك تعيينٌ للنكاح؛ لأنهما تصرُّفان مخْصُوصان بالنكاح كالطَّلاَق.

وأصحُّهما: وهو المذْكُور في الكتاب: المَنْع؛ لأن الظِّهَارَ وَصْفُ، بالتحريم، والإِيلاء حلف على الامتناع من الوطْءِ وكُلُّ واحدٍ من المعنَيَيْنِ بالأجنبية ألْيَقُ منه بالمنْكُوحة، وعلى هَذَا، فَإِنِ اخْتَارَ التي ظاهَرَ منْها أو آلَى للنكاح، صَحَّ الظِّهارُ والإِيلاَءُ، وَيكُونُ ابتداءُ مدَّة الإِيلاَءِ من وقْتِ الاختيار، وحينئذٍ، يصيرُ عائداً، إن لَمْ يفارقها.

ولو قذَفَ واحدةً منهنَّ، فعلَيْه الحدُّ، إن كانتْ محْصَنَةً، ولا يسقط إلا بالبينة، إن اختار غَيْرَ الْمَقْذُوفَةِ، وإنِ اختارها، سَقَطَ بِالْبَيِّنَةِ وباللِّعَان.

الثانية: لو قال: فَسَخْتُ نِكَاحَ هَذه، أَوْ نِكَاحَ هَؤُلاَءِ الأَرْبَعِ، وَأَرَادَ الطَّلاَقَ، فهو


(١) في ز: أمسكت.
(٢) وقال الخطيب: ومقتضى هذا صحة الاختيار بالكناية وهو كذلك وإن منعه الماوردي والروياني، وقال إنه كابتداء النكاح.
قال ابن الرفعة: وينبغي إذا جعل كاستدامته أن يكون على الخلاف في حصول الرجعة بالكناية.
(٣) وألفاظ الفسخ كفسخت نكاحها أو رفعته أو أزلته، وبالكناية كصرفتها.
(٤) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>