للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الترافُعُ إلينا بِمَثَابَةِ ما إذا أسلموا. وعن القَفَّالِ: أنَّه بني الخلاف على صحة أنكحة الكفَّار، إن صحَّحْناها، ورث الكل، وإلا، لم يَرِث إلا أربعٌ.

وَلَو نَكَحْ الْمَجْوسِيُّ أُمَّهُ أو ابْنَتَهُ، ومات قال في "التَّهْذِيبِ": منهم من بني التوارُثَ على هذا الخلافِ، والمذهبُ الجَزْمُ بالمنع؛ لأنه ليس بنكاح في شيْءٍ من الأديان، ولا يُتصوَّر التقرير عليه في الإِسلام.

فرع آخر: المتعيِّنات للفراقِ، إذا أسْلَمَ عَلَى أكْثَرَ من أَرْبَع، تحسب عدَّتُهُن من وقْتِ الاختيار، أو مِنْ وقت إسْلام الزوجَيْن، إن أسلما معاً، وإسْلاَم متقدم الإِسلام منهما إنْ أسلما على التعاقب؟ فيه وجهان، قَرَّبَهُمَا في "التَّهْذِيب" مِن الوجْهَيْنِ فيَما إذا طلَّق إِحْدَى امرأَتَيْهِ، لا يُعَيِّنُهَا، ثم عيَّنها، تكونُ عدَّتُها من وقْتَ التَّعْيين، أو من وقْتِ التلَفُّظ بالطلاق.

وذُكِرَ أنَّ الأَصَحَّ الاعتبارُ منْ وقْت الاختيارِ، لكنَّ الرَّاجِحَ عنْدَ عامَّةِ الأَصْحَابِ الاعتبارُ من وقْتِ الإِسلام؛ لأنَّ سَبَبَ الفُرْقَة اختلافُ الدِّينِ، فتعتبر مدة العدَّة منه من وقْت الإِسلام، قالوَا: والاعتبارُ من وقْت الاختيارِ أُخِذَ من قَوْلِ الشَّافِعِيِّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- فيمن نَكَحَ نكاحاً فاسداً، ووطئَ أن العدة تُحْسَب من وقْت التفْرِيقِ بيْن الزوجَيْن لا من الوطأة الأخيرة.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الرَّابعُ في النَّفَقَةِ) وَإذَا تَخَلَّفَتْ ثُمَّ أَسْلَمَتْ لَمْ تَسْتَحِقَّ النَّفَقَةِ لِمُدَّةِ التَّخَلُّفِ عَلَى الْجَدِيدِ؛ لأَنَّهَا أَسَاءَتْ، وَلَوْ سَبَقَتْ ثُمَّ أسْلَمَ اسْتَحَقَّتْ لِمُدَّةِ التَّقَدَمُ عَلَى المَذْهَبِ؛ لأَنَّهَا أَحْسَنَتْ، وَلَوْ أَصَرَّ الزَّوجُ لَمْ تَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ الْعِدَّةِ لأَنَّهَا بَائِنَةٌ، وَقِيلَ: تَسْتَحِقُّ كالرَّجْعِيَّةِ لأَنَّ لِلزَّوْجِ قدْرَةً عَلَى تَقْرِيرِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: عقد الفصل للكلام في النفقة عند تجدد الإِسلام، ثم خَلَطَ به طرفاً مِنَ الْكَلاَمِ في الْمَهْرِ، أما النَّفقةُ، فإن أسلم الزوجانِ مَعاً، استمرَّتِ (١) النفقةُ كما يستمر النكاح، وإن أسْلَمَا على التعاقب بعد الدخولِ، والفَرْضِ فيما إذا كانت الزوجةُ مجوسيةً أو وثنيةً، فأما أن يُسْلِمَ الزَّوجُ أو هي أولاً:

الحالة الأولى: إذا أَسْلَمَ الزَّوجُ أَوَّلاً، وتخلَّفت هي، فإن أَصَرَّتْ إلى انقضاء عدتها، فلا نفقة لها؛ لأنها نَاشِزَةٌ بالتخلف ممتنعةٌ (٢) من التمكين، وإن أَسْلَمَتْ في الْعِدَّةِ، اسْتَحَقَّتِ النَّفَقَةَ من وقت الإِسْلام؛ لاستمرار النِّكَاحِ، وفي نفقة زمانِ التخلّف قولان:


(١) وغيرها من بقية المؤن لدوام النكاح.
(٢) لإِساءتها بتخلفها عن الإِسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>