صَاحِبِهِ؛ لأن المُنْكِرَ يبغي الفسخ، والأَصْلُ دَوَامُ النِّكَاحِ.
الثانية: الفسخ بالعيب المقارن للعقد، إِمَّا أنْ يَتَّفِقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، إِنِ اتَّفَقَ قبل الدخول، فليس لَهَا نِصْفُ الْمَهْرِ، ولا متعة؛ لأنه، إنْ كان العَيْبُ به، فهي الفاسخةُ للعَقْد، وَإِنْ كَانَ الْعَيبُ بِها فَسَبَبُ الْفَسْخِ معْنًى وُجد فيها، فكأنَّها هي الفاسِخَةُ، وإن اتفق الفسخُ بعْد الدخول، فَالنَّصُّ وَظَاهِرُ الْمَذْهَب أَنَّ لَهَا مَهْرَ المِثْلِ، ويسقط المسمَّى، لمعنيين:
أَحَدُهُمَا: أن الفسخ كمعنًى مقرونٌ بالعقد، فيرفع التسمية من أصْلِها؛ لأنَّ الزوج إنَّما بَذَلَ المُسَمَّى عَلَى ظَنِّ السَّلاَمَةِ، ولم تحصل، فكأن العقْدُ جرى بِلاَ تسمية، فيجب مَهْرُ المثل.
والثاني: أَنَّ قضية الفسْخ أن يرجع كُلُّ واحدٍ من المتعاقِدَيْنِ إلَى عين حَقِّهِ، إِنْ بَقِيَ، وإلى بَدَلِهِ إنْ تَلِف، والعَقْدُ جرى على البُضْعِ بالمسمَّى، فعند الفسخ يرد إلَى الزوج عين حقِّه، ويدفع إليه بَدَل حَقِّهَا، وهو مَهْرُ المثل؛ لفوات الحق بالدخول، وفيه قَولُ، مخرَّجٌ أنه يستقر المسمَّى، ولا رُجُوعَ إلَى مَهْرِ المثل، لأَنَّ الدُّخولَ جَرَى في عقْدٍ صحيحِ مشتملٍ على تسميةٍ صحيحةٍ، فأشبه الردَّةَ بعد الدخول، ومنْها خُرِّجَ هذا القَوْلُ.
قَالَ الأَئِمَّةُ: وَهَذَا قريبٌ من القياس، فإنَّ الفسْخَ عندنا لا يَسْتَنِدُ إلَى أَصْلِ الْعَقْدِ، وفي "التَّتِمَّةِ" وَجْهٌ: أنه إن فَسَخ الزَّوْج بعيبها، فعليه مَهْرُ المثل، وإنْ فسخت هي بعَيْبِهِ، فالواجبُ المسمَّى، والفرْقُ إِذَا كان العَيْب بها، فالزوْج يقول: كنْتُ أبذلُ المسمَّى؛ ليكون لي البُضْعُ سليماً، فهذا لم يسلم، لا أبذله، وأُغْرِمَ ما فَوَّت، وإذا كان العيْبُ به، فقد سلمت ما يقابل العِوَضَ سليماً، فيسلم لها العِوَض، وَأَمَّا الفسْخُ بالعَيْبِ الحادثِ بعْد العقد، فإنْ كان قَبْل الدُّخُول، فلا مَهْرَ، وإن كان بعده.
فإن قُلْنَا: إنَّ الْوَاجِبَ عند الفَسْخ بالعَيْب المقارِنِ المسمَّى، فكذلك ههنا وإنْ قلنا: إنَّ الواجِبَ هناك مَهْرُ المِثْلِ، فههنا ثَلاثة أَوْجْهٍ:
أَحَدُهَا: أنَّ الواجب مَهْرُ المِثْلِ أيضاً؛ لأنه لم يسلم له ما طَمِعَ فيه، فلا يكلَّف ما التزمه.
والثاني: أَنَّ الواجِبَ المسمَّى؛ لأن المثبت للخيار حَدَثَ بعْد العقد، ووجوب المسمَّى [بالعقد] فلا يُؤَثِّرُ فيه.
الثالث: وهو الأصح: أنَّه، إنْ حَدَثَ قبْلَ الدُّخُول، ثُمَّ دَخَلَ بها، وهُو غَيْرُ مطَّلِع على الحال، وجَب مَهْرُ المِثْل، وجعل اقترانه بالوطء المقرَّر للمَهْر، كالاقترانِ بالعَقْد، إن حَدَثَ بعْد الدخول، فالواجِبُ المسمَّى؛ لأنَّ الدخول قد قرَّره قبل أن يُوْجَد سَبَبُ