للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أثبتنا الفَسْخ ينفرد مَنْ له الخيارُ بالفَسْخ، ولا يُحْتَاج إلى الحاكِم، كفَسْخ البيع بالعيب ولكنْ هذا الخيارُ مختلفٌ، فيه فإنا نُبْطِلُ العقْدَ علَى رأي، وبتقديَرِ الصحَّة، ففي الخيار اختلافٌ، فليكن كفسخ النِّكَاحِ بالعَيْبِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (السَّبَبُ الثَّالِثُ: الْعِتْقُ) وَإِذَا عَتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ فَلَهَا الخِيَارُ، وَإِنْ عَتِقَتْ تَحْتَ حُرٍّ فَلاَ خِيَارَ (ح). وَإِنْ عَتَقَ نِصْفُهَا فَلاَ خِيَارَ (ز)، وَلَوْ عَتَقَتْ تَحْتَ مَنْ نِصْفُهُ رَقِيقٌ فَلَهَا الخِيَارُ، وَلَوْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الفَسْخِ طَلاَقاً رَجْعِيّاً فَلَهَا الفَسْخُ لِيَنْقَطِعَ سُلْطَانُ الزَّوْجِ، وَإِنْ أَجَازَتْ لَمْ يَنْفُذْ؛ لأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، وَقِبلَ: يُخَرَّجُ عَلَى وَقْفِ العُقُودِ، فَإِنْ كَانَ الطَّلاَقُ بَائِناً بَطَلَ خِيَارُهَا، وَلَوْ عَتَقَ الزَّوْجُ وَتَحْتَهُ أَمَةٌ فَلاَ خِيَارَ لَهُ (و)، وَإِنْ فَسَخَتْ قَبْلَ المَسِيسِ، فَلاَ مَهْرَ لَهَا، وإنْ فَسَخَتْ بَعْدَ المَسِيسِ فَلسَّيِّدِ كَمَالُ المُسَمَّى قَوْلاً وَاحِداً، وَهَذَا الخِيَارُ أَيْضاً عَلَى الفَوْرِ (ح)، وَفِي قَوْلٍ يَتَمَادَى إلَى ثَلاثةِ أَيَّامٍ، وَفِي قَوْلٍ لاَ يَسْقُطُ (ح) إلاَّ بِإسْقَاطٍ أَوْ تَمْكِينٍ (ح) مِنَ الوَطْءِ، فَلَوْ مَكَّنَتْ ثُمَّ ادَّعَتِ الجَهْلِ بِالْعِتْقِ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُهَا إِذَا حَلَفتْ، وَلَوِ ادَّعَتِ الجَهْلِ بِأَنَّ الخِيَارَ عَلَى الفَوْرَ لَمْ تُعْذَرْ، وَلَوِ ادَّعَتِ الجَهْلِ بِثُبُوتِ أَصْلِ الْخِيَارِ فَتُعْذَرُ عَلَى قَوْلٍ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: من أسبابِ الخيار حدوثُ عتْقِ المنكوحة، فهذا عَتَقَتِ الأَمَةُ تحْتَ عبْدٍ، ثَبَتَ لها الخيار، لِمَا رُوِيَ أن بَريرَةَ أُعْتِقَتْ فَخَيَّرَهَا رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (١) - وَكَانَ زَوْجُهَا عَلَى مَا رُويَ عن عَائِشَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا- وابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عنْهُمْ- عَبْداً (٢).


(١) أخرجه النسائي وابن حبان والطحاوي وابن حزم، من حديث عائشة بهذا، قال الطحاوي: يحتمل أن يكون من كلام عروة، قلت: وقع التصريح بذلك في سنن النسائي، وقال ابن حزم: يحتمل أن يكون من كلام عائشة أو من دونها، والتخيير ثابت في الصحيحين رواه مسلم [١٥٠٤] من حديث عائشة أيضاً من طرق، وفي الطبقات لابن سعد عن عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لبريرة لما عتقت قد عتق بضحك معك، فاختاري، هذا مرسل، ووصله الدارقطني من طريق أبان بن صالح عن هشام عن أبيه عن عائشة.
(٢) قال الحافظ أما رواية عائشة فرواها مسلم من حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عنها، وعنده وعند النسائي من طريق يزيد بن رومان عن عروة عنها: كان زوج بريرة عبداً، وقد اختلف فيه على عائشة، فروى الأسود بن يزيد عنها: أنه كان حراً، قال إبراهيم بن أبي طالب: خالف الأسود الناس، وقال البخاري [٥٢٨٣]: هو من قول الحكم، وقول ابن عباس، أنه كان عبداً أصح، وقال البيهقي [٧/ ٢٢٢]: روينا عن القاسم وعروة ومجاهد وعمرة كلهم، عن عائشة أنه كان عبداً، وروى شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم أنه قال: ما أدري أحر أم عبد؟ ورواه البيهقي عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم فقال: كان عبداً، وكذا رواه أسامة بن زيد عن القاسم عن =

<<  <  ج: ص:  >  >>