للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي وجه: أنه يُعْتَبَرُ مَهْرُ المعتقة بنساء المَوَالِي، كما اعْتُبِرَ مَهْرُ الحُرَّةِ بنِسَاءِ عَصْبَاتِ القَرَابَةِ.

الثانية: ينظر مع ما ذكرنا إلى البَلَدِ، فيعتبر مهر نساء عَصَبَاتِهَا في تلك البلدة وإن كان بَعْضُهُنَّ في بَلْدَةٍ أخرى، فلا عِبْرَةَ بمن في تلك البَلْدَةِ، ويعتبر أن يكون المَطْلُوبُ مَهْرُهَا مِثْلَ التي يعتبر مَهْرُ نِسَاءِ عَصَباتِهَا في تلك البَلَدِ، وإن كان بَعْضُهُنَّ في بَلْدَةٍ أخرى، فلا عِبْرَةَ بمن في تلك البَلْدَةِ، فإن عَادَاتِ البِلاَدِ في المَهْرِ مُخْتَلِفَةٌ، وإن كان جميعهن بِبَلْدَةٍ أخرى، فالاعْتِبارُ بهن أَوْلَى من الاعتبار بالأجْنَبِيَّاتِ في تلك البلدة، ويعتبر أن يكون المَطْلُوبُ مَهْرُهَا مِثْلَ التي تعتبر بها في الصِّفَاتِ المَرْغُوب فيها كالعِفَّةِ والجَمَالِ؛ لأن الرَّغَبَاتِ في الجميلة أكثر، وليس كما في الكَفَاءَةِ، فإن المَرْعِيَ هناك التَّحَرُّزُ عما يُوجِبُ عاراً.

ومنها السِّنُّ واليَسَارُ والعَقْلُ؛ لأن الرَّغْبَةَ في المُوسِرَةِ أكثر؛ لِتَوَقُّع الرِّفْقِ منها، وانتفاع الأولاد بمالِها، كذا البَكارَةُ وسَائِرُ الصَّفَاتِ التي تختلف بها الأَغْرَاضُ (١)، وتزداد الرَّغَبَاتُ كالعِلْمِ والفَصَاحَةِ، والصَّرَاحَةِ، وهي أن يكون الشخص شَرِيفَ الأبَوَيْنِ، والهَجِينُ الذي أبوه شَرِيفٌ دون أُمِّهِ، وفيما علق عن الإِمَام التَّسْوِيَةُ بين البِكْرِ والثَّيِّب إذا كان لها شَرَفُ النَّسبِ، وفيه حكاية وجه أن لا اعْتِبارَ باليَسَارِ، والظاهر ما سَبَقَ ومهما اخْتّصَّتِ المَرْأَةُ بصفةَ مَرْغُوبٍ فيها، زِيدَ في مَهْرِهَا، وإن وُجِدَ فيها نَقْصٌ لم يوجد في النِّسْوَةِ المَنْظُورِ إليهن، فينقص من المَهْرِ بقدر ما يَلِيقُ به.

الثالثة: الاعْتِبارُ بِغَالِبِ حَالِ النِّسْوَةِ المنظور إليهن، فلو سامحت واحدة منهن لم يَلْزَمِ البَاقِيَاتِ التَّخْفِيف، إلا أن تكون المُسَامَحَةُ لِنَقِيصَةٍ دخلت في النَّسَبِ، وفَتَرَتِ الرَّغَباتُ.

ومَهْرُ المِثْلِ يجب حَالاًّ من نَقْدِ البَلَدِ كقيمة المُتْلَفَاتِ، وإن رَضِيَتِ المَرْأَةُ بالتَّأْجِيلِ لا يُوجِبُهُ الحَاكِمُ مُؤَجَّلاً، لكنها تسامح بالتأخير، إن شَاءَتُ، وإن كانت النِّسْوَةُ المعتبر بهن، ينكحن بِمُؤَجَّلٍ، أو بِصَداقٍ بعضه مُؤجَّلٌ، فلا يؤجّلُ الحاكم أيضًا، لكن ينقص بقدر ما يقابل التَّأجِيل، وإن جَرَتْ عَادَتُهُن بالتَّخْفيِفِ، مع العَشِيْرَةِ دُونَ غيرهم خَفَّفْنَا مَهْرَ التي نطلب مَهْرَها في حَقِّ العشيرة، دون غيرهم وكذا لو كُنَّ يخففن إذا كان الخاطِبُ شَرِيفاً، يُخَفَّفُ في حَقِّ الشَّرِيفِ دون غيره.

وعن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ: أنه لا يَلْزَمُ التَّخُفِيفُ في حَقِّ العَشِيرَةِ، والشريف، كما أن قِيَمَ الإمْوَالِ لا تختلف بين أن يكون المُتْلِفُ صَدِيقاً أو قَرِيبًا أو غيرها.


(١) لأن المهور تختلف باختلاف هذه الصفات. ويعتبر حال الزوج أيضاً من يسار وعلم وعفة ونحوها كما قاله الفارقي.

<<  <  ج: ص:  >  >>