للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بشرط الخِيَارِ، وطَلَّقَهَا في مدة الخِيَارِ، حكى أبو سَعْدٍ المتولي وغيره أنا إن جَعَلْنَا المِلْكَ للبائع، فهو كالهِبَةِ، قبل القبض، وإن قلنا: للمشتري، فلا رُجُوعَ له العَيْن، وإن كان الحق لاَزِماً، بأن رَهَنَتْهُ، وأقبضته، فليس للزَّوْجِ الرُّجُوعُ إلى نصفه لِتَعَلُّقِ حَقِّ المُرْتَهِنِ بعينه، وإن أَجَّرَتْهُ فقد نَقَصَ الصَّدَاق عما كان لاسْتِحْقَاقِ الغير مَنْفَعَتَهُ، فإن شاء رجع إلى نِصْفِ القيمة في الحال، وإن شاء رجع إلى نِصْفِ العَيْن مَسْلُوبَةَ المَنْفَعَةِ مُدَّةَ الإِجارة (١). ولو قال: أَصْبِرُ إلى انفكَاكِ [الرَّهْن] (٢) أو انقضاء مُدَّةِ الإِجارة، فإن قال: أَتَسَلَّمُهُ، ثم أسلمه إلى المُرْتِهِنِ، أو المستأجرة، فليس لها الامْتِنَاعُ منه، وإن قال: لا أتسلمه، وأصبر، فلها ألا تَرْضَى به، وتدفع إليه نِصْفَ القيمة؛ لما عليها من خَطَرِ الضَّمَانِ، هذا إذا قلنا إن الصَّدَاقَ في يدها مَضْمُونٌ بعد الطلاق، وهو الأَرْجَحُ، وبه أجاب هاهنا.

وإن قلنا: لا ضَمَانَ أو أَبْرَأَهَا عن الضمان، وصَحَّحْنَا هذا الإبْرَاءَ فقد حُكِيَ وجهان، في أنه هل يَجِبُ عليها الإجابة [أم لا] (٣) لأنه قد يَبْدُو له، فَيُطَالِبُهَا بالقِيمَةِ، وتخلو يَدَهَا عن القِيمَةِ يومئذٍ، فانَ لم تُوجِبِ الإِجَابَةَ، ولم يطالبها إلى أنه انْفَكَّ الرَّهْنُ أو انْقَضَتْ مُدَّةُ الإِجارة، فقد حُكِيَ وجهان، فيَ أنه هل يَتَعَلَّقُ بالعين لزوال المانع أو القيمة لأنه المَانِعَ الذي كان بالعين نقل حقّه إلى القيمة، فلا يرجع إليها.

وتَزْوِيجُ جَارِيةِ الصَّدَاقِ كالإِجارة، ولو زال مِلْكُهَا، وعاد، ثم طلقها قبل الدُّخُولِ، فوجهان:

أحدهما: أن حَقَّ الزَّوْجِ يَتَعَلَّقُ بالعين، وكأنه لم يَزُلْ.

والثاني: أن حَقَّة يَنْتَقِلُ إلى البَدَلِ؛ لأن المِلْكَ الآنَ مُسْتَفَادٌ من جهة أخرى، لا من جِهَةِ الصَّدَاقِ، وهذا كالخلاف في أن المَوْهُوبَ إذا خَرَجَ عن مِلْكِ الولد، ثمِ عاد هل يرجع الوالد فيه؟. فيما إذا خَرَجَ المَبِيعُ عن مِلْكِ المشتري، ثم عاد، وقد أَفْلَسَ بالثَّمَنِ، واختار ابْنُ الحَدَّادِ انْتِقَالَ حَقِّ الزوج إلى البَدَلِ، وساعده الشيخ أبو عَلِيٍّ.

وقال أكثرهم: الأَصَحُّ هاهنا أن حَقَّ الزَّوْجِ يَتَعَلَّقُ بالعين، بخلاف مسألة الهِبَةِ؛ لأن الرُّجُوعَ في الهِبَةِ يَخْتَصُّ بالعَيْنِ، واختص بذلك المِلْك، ورجوع الزوج لا يَخْتَصُّ بالعَيْنِ، بل يَتَعَلَّقُ بالبَدَلِ، فالعين العائدة أَوْلَى بالرجوع من بَدَلِ الفَائِتَةِ هذا إذا زَالَ المِلْكُ بجهة لاَزمَةٍ، فإن زال بجهة غير لاَزِمَةٍ، كما إذا بَاعَتْ بشرط الخِيَارِ، وقلنا بزوال


(١) هذا ظاهر إذا أجرته لغيره، أما لو أجرته له فقد تقدم قريباً أنه على رأي ابن الحداد تنفسخ الإِجارة.
(٢) سقط في: أ.
(٣) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>