للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلام صاحب "التهذيب" يُوافِقُ الأول، وقال: المذهب أنه يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، ولو أوصت للعبد بِعِتْقِهِ، فهل هو كالتَّدْبِيرِ في منع الرُّجُوعِ فيه وجهان:

أحدهما: نعم لِتَعَلُّقِ العتق به.

وأظهرهما: وبه أجاب الشيخ أبو حَامِدٍ لا؛ لأن الإِيصَاءَ ليس عَقْدَ قُرْبَةٍ، بخلاف التدبير.

والرابع: هل يمنع التَّدْبيرُ رُجُوعَ البائع، فيما إذا بَاعَ عَبْداً بثوب، وتَقَابضا، ودَبَّرَ المشتري العَبْدَ، ثم وَجَدَ البَائِعُ بالثوب عَيْباً، وكذلك هل يَمْنَعُ رجوع الواهب فيه وجهان؛ تَفْرِيعاً على قَوْلَنَا: إنه يمنع التَّشَطُّرَ.

أحدهما: أنه يمنعهما، كما يمنع التشطُّرَ.

وأصحهما: لا، بل له الرجوع، ويَنْتَقِضُ التدبير لِقُوَّةِ الفَسْخِ، ولذلك تمنع الزِّيَادَاتُ المُتَّصِلَةُ التَّشَطُّرِ، ولا تمنع الفَسْخَ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثَةُ) لَوْ أَصْدَقَهَا صَيْداً وَالزَّوْجُ مُحْرِمُ عِنْدَ الطَّلاَقِ لَمْ يَمْتَنِعُ رُجُوعُ النِّصْفِ عَلَى وَجْهِ لأَنَّهُ مِلْكٌ قَهْرِيٌّ كَالإِرْثِ، ثُمَّ إنْ غَلَّبْنَا حَقَّ اللهِ تعَالَى وَجَبَ الإِرْسَالُ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نِصْفِهَا.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قد سَبَقَ في "كتاب الحج" ذِكْرُ الخِلاَفُ أن المُحْرِمَ إذا اشترى صَيْداً بِرِياً، أو اتَّهَبَهُ هل يملكه، والخِلاَفُ في أن من أَحْرَمَ وفي مِلْكِهِ صَيْدٌ، هل يَزُولُ مِلْكُهُ عنه؟ وأن الإِحرام لا يمنع مِلْكَة بالإِرْثِ، وفيه شيء ضعيفٌ إذا تَذَكَّرْتُ ذلك، فلو أَصْدَقَهَا صَيْداً، ثم أحْرَمَ، ثم ارْتَدَّتِ المَرْأَةُ، فيعود الصَّدَاقُ إلى مِلْكِهِ؛ لأنه لا اخْتِيَارَ له، فَأَشْبَهَ لإِرْثَ، وليجيء فيه الوَجْهُ المذكور في الإرْثِ، وإن طَلَّقَهَا قبل الدُّخُولِ، وهو مُحْرِمٌ، وهذه مَسْأَلَة الكتاب، فَيَنْبَنِي على أن نِصْفُ الصَّدَاقِ يَعُودُ إلى الزَّوْجِ ينفس الطَّلاَقِ، أم باختيار التَّمَلُّكِ، وهذا أَصْلٌ قد تَقَدَّمَ.

فإن قلنا باخْتِيَارِ التَّمَلُّكِ، فليس له اخْتِيَارُ الصَّيْدِ ما دام مُحْرِماً، وإن فَعَلَ كان كما لو اشْتَرَى صَيْداً. وإن قلنا بنفس الطَّلاَقِ، ففي عَوْدِ النِّصْفِ إليه وجهان:

أحدهما: لا يَعُودُ وينتقل حَقَّة إلى القِيمَةِ؛ لأن المُحْرِمَ لا يَتَمَلَّكُ الصَّيْدَ بالاختيار، والطَّلاَقُ يَتَعَلَّقُ باختياره.

وأظهرهما: أنه يَعُود؛ لأن الطَّلاَقَ لا يَنْشَأُ لاجْتِلاَبِ المِلْكِ، وإنما العَقْدُ فيه الفِرَاقُ، وعَوْدُ النِّصْفِ إلى الزوج رَتَّبَهُ الشَّرْعُ عليه قَهْراً، فكان كالإِرْثِ.

وفي: "الشامل" "والتتمة": بِنَاءُ عَوْدِ المِلكِ في النصف؛ على أن المِلْكَ في الصَّيْدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>