للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "وفائدة التَّحَالُفِ انْفِسَاخُ الصداق" هذا اللَّفْظُ يُوافِقُ القول بالانْفِسَاخِ عند التَّحَالُفِ، والظاهر الفَسْخُ دون الانْفِسَاخِ، لكنه لم يقصد الآن القَوْلَ في أنه يفسخ أو ينفسخ، وإنما قَصَدَ بَيَانَ أَثَرِ التَّحَالفِ، وما يؤول إليه الأمر آخراً، وهو مَهْرُ المِثْلِ، وانْفِسَاخُ التَّسْمِيَةِ، إما بالفسخ، أو دونه.

وقوله: "وإن كان ما ادعته أَقَلَّ من مَهْرِ المثل" مُعَلَّمٌ بالواو.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّانِيَةُ): لَوْ أَنْكَرَ أَصْلَ المَهْرِ أَوْ سَكَتَ وَاعْتَرَفَ بِالنِّكَاحِ لَمْ يَثْبُتْ بِحَلِفِهَا مَهْرُ المِثْلِ عَلَيْهِ في أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ بَلْ يَتَحَالَفَانِ، وَكَذَا مُجَرَّدُ قَوْلهِ: هذا ابْنِي منها لا يُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ وإنْ كَانَ ظَاهِراً في الإِقْرَارِ بِالوَطْءِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا ادَّعَتِ النِّكَاحَ وَمَهْرَ المثل، واعترف الزَّوْجُ بالنكاح، وأنكر المَهْرَ، أو سَكَتَ عنه، ولم يَدَّعِ التَّفْوِيضَ ولا إِخْلاَءَ النكاح [عن] (١) ذكر المَهْرِ حكى صاحب الكتاب فيه وجهين:

أحدهما: وُينْسَبُ إلى القاضي الحسين أنه يَثْبُتُ لها المَهْرُ، إذا حلفت؛ لأن الظَّاهِرَ معها، فإن النكاح يوجب مَهْرَ المِثْلِ، إذا لم تَجْرِ تَسْمِيَةٌ صحيحة.

وأَظْهَرُهُمَا: عند صاحب الكتاب: أنه لا يثبت مَهْرُ المِثْل بيمينها، ولكن يَتَحَالَفَانِ أما أنه لا يثبت مَهْرُ المِثْلِ بيمينها فلأن النكاح قد يَجْرِي بِأَقَلّ ما يُتَمَوَّل، وليس من لَوَازِمِهِ وُجُوبُ مَهْرِ المثل وأما التحالف [فلأن إِنْكَارَ أَصْلِ المَهْر أَبْلَغُ من إنكار بَعْضِهِ، وذلك يوجب التَّحَالُفَ] (٢) وهذا لا يكاد يُتَصَوَّرُ، فإنا حيث نَقُولُ بالتحالف نُحَلِّفُ كُلَّ واحد منهما على إِثْبَاتِ ما يَزْعمُهُ، ونَفْي ما يَزْعُمُ صاحبه، والمَفْرُوضُ من جِهَةِ الزوج في المسألة إِنْكَارٌ مُطْلَقٌ، فأي معنى للِتَّحَالُفِ، ولم يذكر القاضي الرُّويَانِيُّ هذا الخلاف هكذا، لكن قال: قال مَشَايخُ "طبرستان": القول قَوْلُ الزوج وعليها البَيِّنَةُ، والحق ألا يُسْمَعَ إِنْكَارُهُ؛ لاعترافه بما يَقْتَضِي المَهْرَ، ولكن يُطَلَّقُ البَيَانَ، فإن ذكر قدراً وذكرت زِيَادَةً تَحَالَفَا، وإن أَصَرَّ على الإِنْكَارِ رُدَّتِ اليَمِينُ عليها، وقُضِيَ لها بها قال: ورأيت جَمَاعَةً من المحققين بـ"خراسان" و"العراق" يُفْتُون بهذا، وهو القَوِيمُ.

ولو ادَّعَتْ زَوْجِيَّة ومَهْراً مُسَمَّى يساوي مَهْرَ المِثْلِ وقال الزوج: لا أدري، أو سكت. قال الإِمام: ظاهر ما ذكره القَاضِي أن القَوْلَ قَوْلُهَا؛ لما مَرَّ أن النِّكَاحَ يَقْتَضِي مَهْرَ المِثْلِ، ولك أن تقول: هب أن النِّكَاحَ يَقْتَضِي مَهْرَ المِثْلِ، إذا لم يكن تسمية، لكنه لا يَقْتَضِي شَيْئاً آخر يساوي مَهْرَ المِثْلِ، فلا يلزم تَصْدِيقُهَا فيه قال: والذي يَقْتَضِيهِ قِيَاسُ


(١) سقط في: أ.
(٢) سقط في: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>