الوَلِيِّ هو المَالِكُ لِلْعَقْدِ، والمُسْتَوْفِي لِلصَّدَاقِ، فكان اخْتِلاَفُهُ مع الزوج كاختلاف البَالغَةِ مع الزوج، ولأن إِقْرَارَهُ مَقْبُولٌ في النكاح والصداق، وإذا قُبِلَ إِقراره لم يَبْعد تحليفه.
والثاني: أنهما لا يتحالفان؛ لأنا لو حَلَّفْنَا الوَلِيَّ، لكان مُثْبِتاً حتى الغير بيمينه، ورَتَّبَ الإِمَامُ [الخلاف] في المَسْأَلَةِ، على قولين، حكاهما فيما إذا باعِ الوَلِيُّ مَالَ الطِّفْلِ، واختلف الوَلِيُّ والمشتري في كَيْفِيَّةِ البيع، هل يتحالفان وقال: الأصَحُّ المَنْعُ، ويعللُ القول الآخر بمعنيين:
أحدهما: أن الولي يثبت بالحَلِفِ قَوْلَ نفسه.
والثاني: أنه يَتَعَلَّقُ به العُهْدَةُ، فإن الولي في عُهْدَةِ ما تبِيعُ للصبي، فإن قلنا: لا يَحْلِفُ في البَيْعِ، ففي النكاح أَوْلَى وإن قلنا: يحلف هناك، ففي النِّكَاحِ خِلاَفٌ مَبْنِيٌّ على المعنيين، إن عَلَّلْنَا بأنه يثبت قَوْلَ نفسه، فكذلك هاهنا، وإن عَلَّلْنَا بالمعنى الثاني، فلا؛ لأن النِّكَاحَ ليس عَقْدَ عُهْدَةٍ، فإن قلنا: لا يحلف الوَلِيُّ، فيوقف إلى أن تَبْلُغَ الصبية، فَيَتَحَالَفَانِ، ويجوز أن يَحْلِفَ الزوج، ويوقف يمينها إلى بلوغها.
وإن قلنا: يحلف الوَلِيُّ، فذلك إذا ادِّعَى زِيَادَةً على مَهْرِ المِثْلِ، والزوج مُعْتَرِفٌ بمهر المثل بأن كان مَهْرُ مِثْلِهَا أَلْفاً، والزوج يَزْعُمُ أنه نَكَحَهَا بألف، وقال الولي: بألفين. وأما إذا ادَّعَى النِّكَاحَ بما دُونِ مَهْرِ المثل، فلا حَاجَةَ إلى التَّحَالُفِ؛ لأنه يثبت مَهْرَ المثل، وإن نَقَصَ الوَليُّ، ولو ذكر الزوج قَدْراً يزيد على مَهْرِ المِثْلِ، وادعى الولي أَكْثَرَ من ذلك، فلا يَتَحَالَفَانِ كيلا يَرْجِعَ الوَاجِبُ إلى مَهْرِ المثل، بل يأخذ الوَليُّ ما يقوله الزوج.
ولو ادَّعَى الوَلِيُّ مَهْرِ المِثْلِ أو أكثر، وذكر الزَّوْجُ أكثر من ذلك حكى الحناطي وجهين في أنهما يَتَحَالَفَانِ، أو يؤخذ بما يقوله الزَّوْجُ، والخلاف الذي ذَكَرْنَاهُ في اختلاف الزَّوْج، وولي الصغيرة، يَجْرِي فيما إذا اختلفت المَرْأَةُ ووليُّ الزوج الصغير، وفيما إذا اختلفَ وَلِيَّا الزَّوْجَيْنِ الصغيرين.
ولو بلغت الصغيرة قبل التَّحَالُفِ، فَتَحْلِفُ هي، ولا يَحْلِفُ الوَلِيُّ.
وادعى صاحب "التهذيب" الوِفَاقَ فيه، لكن في "التتمة" وغيره أنا إذا جَوَّزْنَا لِوَلِيِّ الصغيرة أن يَحْلِفَ، ففي نكاح البِكْرِ البالغة، إذا وَقَعَ الاخْتِلاَفُ بين الولي والزوج، اخْتِلاَفْ للأصحاب في أنه يَحْلِفُ الوَلِيُّ، أو المنكوحة، والصحيح أنها التي تَحْلِفُ لأنها من أَهْلِ اليمين وعن القاضي أبي الطَّيِّبِ وغيره: أنه يَحْلِفُ الوَلِيُّ؛ لأنه العَاقِدُ،
= فهو حلف للغير فلا تقبل، وأما هنا فهو حلف على أن العقد من الولي وقع هكذا أو الحق فيه وقع تبعاً وضمناً لا قصداً بخلاف المذكور في الدعاوى.