للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِيَاسِ مِنْ رُخَصِ السَّفَرِ، أي على خلاف قياس الحضر؛ فإنَّه لا يجوز تخصيص بَعْضِهِنَّ بالقُرْعَة، وليس ذلك على خلاف القياس مُطْلَقاً, لأن المصاحبة في السفر مصاحبةٌ في حال تعب وَمَشقَّة، ولا يكاد يكمل فيه الأُنْس والسكن، فلو قضى بعد الرجوع وقع القَضَاء في حال الدعة والرفاهية، وَذَلِكَ بَعيد عن العَدْل والتسوية، ويمكن أن يُعَلَّم قوله: "سقوط القضاء".

وقولُه: "أَنْ يَقْرَعَ أوَّلاً" بالحاء لِمَا حَكَيْنَاه من الرِّوَايَات المضطربة، وُيعَلَّمَ قولُهُ: "أن يَقْرَعَ" بالميم أَيْضاً، وَقَوْله "وأن لا يعزم على النُّقْلة" معلم بالواو؛ للوجه الذي ذكرنا في سَفَر النُّقْلَة، وكذا قَوْلُهُ: "وأن يكُونَ السَّفَرُ طويلاً مُرَخَّصاً للوجه الذاهب إلى أنه لا فَرْقَ بين الطويل والقصير، وقولُهُ: "مُرَخَّصاً" يقتضي وُجُوبَ القضاء في سفر المعصية.

وقوله: "ليكون فوزها في مقابلة تعبها" يعني التعب اللاحق في السفر الطويل ويشير به إلَى أَنَّ القصير لا تَعْظُمُ فيه المَشَقَّةُ.

وقوله: "ولا يجوز له أن يعزم على النُّقْلَة" أي يسافر على عزم النُّقْلَة، والمراد من تَخْلِيفِ (١) النِّسَاء ألاَّ ينقُلَهُنَّ بنَفْسِهِ ولا بوكيل ويكون إعلامُه بالواو لمَا تَقَدَّمَ.

فُرُوعٌ: لو استصحب واحدة بالقُرْعَة ثم عَزَمَ على الإِقامَةِ في بَلَد، وكتب إلى البَاقِيَاتِ يستحضرهن ففي وجوب القضاء من وَقْت ما كتَبَ إلَيْهِنَّ وجْهَانِ حكاهما صاحب "التَّهْذِيبِ" (٢) وفي "فتاويه": أنَّه لو نوى المقام في بَلَدٍ قيل أن يصل إلى مقصوده يقضي مدة مقامه في ذلك البلد، وهل يقضي مُدَّة ذَهَابِهِ إلَى المَقْصِدِ بعد ذلك يحتمل أن يَكُونَ على وَجْهَيْن كَمَا في مُدَّة الرجوع ويحتمل أن يُقَال: يقضي قطعاً (٣) وأنه إذا استصحب واحدة بلا قرعة قضى للباقيات جميع المدة وإن كان لا يبيت معها إلاَّ إذا تركها في بلد وفارقها ويحتمل أن يقال لا يقضي إلاَّ ما بات عنْدَهَا، ويحتمل أن يقال: يقضي وإن خلفها في بَلَدٍ (٤)، وفِيما علّق عن الإِمام ذكر وجهين فيما إذا اسْتَصْحَبَ واحدة بالقرعة (٥) في سَفَر النُّقْلَة وأوجَبْنَا القضاءَ هَلْ يخرج عن الظُّلْم بتغير عزم النُّقْلَة أو يستمر حُكْمُه إلى أن يرجع إلى المُخَلَّفات (٦)؟!.


(١) في ز: يخلف.
(٢) قال الشيخ البلقيني: لم يرجحا شيئاً، والأصح بل الصواب وجوب القضاء.
(٣) قال الشيخ البلقيني: ويحتمل أن يقال لا يقضي قطعاً نظراً إلى حكم القصد الأول.
(٤) قال الشيخ البلقيني: الاحتمال الثاني هو الأصح.
(٥) في ز: القرعة.
(٦) قال الشيخ البلقيني: الأرجح استمرار حكم وجوب القضاء إلى أن يرجع؛ لأنها لم تقرع في سفر غير النقلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>