للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال القاضي ابن كج: على الوجْه الأول يتم لَهَا السَّبْع ثم يوفي (١) الأخرى سَبْعاً وعلى المَنْسُوب إلى ابن سريج، يتم لها السَّبْع، ويبيت عند الأخرى أربعاً، ويبطل ما جَرَى في السفر، ولو نَكَح جديدةً على قديمةٍ وسَافَرَ قبل أن يُوَفِّيَ حق الزفاف بواحدة منْهما بالقُرْعَة فإنْ سافر بالقديمَةِ، وَفَّى عند الرجوع حَقَّ الجديدة، نَصَّ عليْه ويجيء فيه الوجْه الآخَرُ، وإن سافر بالجديدة، انْدَرَجَ حقُّ الزفاف في أيام السفر، ويفارق اندراج حقُّ الزفاف في هذه الصورة ما إذا ظَلَمَ واحدة، ثم سافر بالمظلومةِ بالقُرْعَةِ، لا يَنْدَرجُ حقُّ القضاء في أيام السفر؛ لأنَّ القضاء إنما يَجبُ في نوبة الضَّرَائر وأيام السفر [حقٌّ] (٢) لها خاصَّةً، فلا يحسب عن القضاء وحق الزفاف يثبت للجديدة؛ لا في حق الضرائر فيحسب من أيام السفر حتَّى لو سافر بالمَظْلُومة بلا قُرْعة يندرج أيام القضاء في أيام السفر؛ لأن أيام السفر -والحالةُ هَذِه- غير مستحَقَّة لها، وقد عَرَفْتَ بما أوردناه أن قوله في الكتاب: "قَضَى لَهَا إمَّا في السَّفَرِ أَوْ في الحَضَرِ" ليس تخيراً بل يقضي في السَّفَر مبادرةً إلى قَضَاءِ ما عَلَيْهِ ولأَنَّه أَقْرَبُ إلى العَدْل للتفاوت بين الصَّحْبَة في السَّفَر والصحبة في الحَضَر، فإن لم يتفق فيقضي في الحَضَر، وأنَّ قوله: "لَمْ يَلْزَمْهُ القَضَاءُ للمُخَلَّفَاتِ" أي في مدة السَّفَر أما إذا أقام فيقضي.

وقوله: "بطل أيضاً حقها" أراد به لا يُوفِي لَهَا حقَّ الزفاف، كما لا يوفي للتّي سافر بها، [وإلاَّ فحقها] صار مُوفَى لا باطلاً، حتى يقول: يبطل [حق هذه] أيضا ونختم الكَلاَم في القَسَم بصور حكى أبو عبد الله الحناطي وجْهَيْن فيما إذا كانت تَحْتَهُ زوجتان، ولَهُ إماء هل له أن يسافر بواحدة من الإِماء من غير قُرْعَةٍ؟ ونسب المنع إلى ابن أبي هريرة، والجَوَاز إلى أبي إسحاق وهو قياس أصل القَسْم (٣).

وفي "فتاوى الشيخ الفَرَّاء": أن حَقَّ الزِّفَاف إنما يثبت لِلَّتِي نَكَحَهَا إذا كانت في نكاحه أُخْرَى يبيت عنْدَهَا، فإن لم يَكُنْ في نكاحه أخْرَى أو كانَتْ وكان لا يبيت عندها، فلا يثْبُتُ حقُّ الزِّفَاف كما لا يجب على الرَّجُل أن يبيت عند زوجته أو زوجاته، وأنه لو نكح امرأتين وليست عنده امرأة أخرى، ففي ثبوت حق الزفاف وجْهَانِ:

أظهرهما: وهو الذي أوردْنَاهُ مِنْ قِبَلِ أنَّه يثبت لها حَقَّ الزِّفَاف.

والثاني: أنهما إن كانتا بِكْرَيْنِ أو ثيبتين لم يكن لها حقُّ الزِّفَاف، فإن أراد أن يبيت عنْدَها فَعَلَيْهِ التَّسْويَةُ وإنْ كَانَتْ إحداهما بكْراً والأخرى ثَيِّباً فيخص البِكْر بأربع ليال، ثم يسوي.


(١) في ز: للأخرى
(٢) سقط في ز.
(٣) قال النووي: الجواز هو الصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>