للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه لا يرجع عليها إلاَّ بمَا سَمَّت ويجيء فيه قَوْل آخر أنَّه يرجع بالواجب عليها، وهو مَهْر المثل، أو أكثر الأمرين منه ومما سمته على اختلاف القَوْلَيْن السابقين [كما] سنذكره فيما إذا أطْلق الاختلاع، ولم يضف إليها وهاهنا كلامان:

أحدهما: نقل الإِمام عن الصّيْدلاني تأثيرَ الضَّمَان في مطالبته بما سمى، واستبعده واعترض عليه؛ بأن اختلاعه بالزِّيَادة مخالفةٌ، فإضافته إليها فاسدةٌ، فيلغو الضمان المرتَّب عليها، نَعَمْ أثر الضمان مطالبته بما تطالب به المرأة، ولك أن تقول: تأثير الضمان في المطالبة بالمُسَمَّى لم ينفردْ بذكره الصيدلاني حتَّى ينسب إليه، أو إلى روايته كما تُنْسَب الرواياتُ الشاذَّة إلى أربَابِها، بل أوْرَدَه الأصْحَاب على طبقاتهم، وفي "المُخْتَصَر" تعرض لمثله، وأمَّا الإِشكال، فيجوز أن يقال الخُلْع عقد يستقل فيه الأجنبي بالتزام المال، فيجوز أن يُؤَثّر فيه الضَّمَان المشتمل على التزام المال، وإن لم يترتَّبْ على إضافةٍ صحيحةٍ بخلاف ضمان الثَّمَن في البيع الفاسد ونظائره، وفي "المجرد" للحناطي: قولٌ وراء المشهور أنَّه لا أثر لهذا الضمان، وهو يوافق ما قرَّرَه الإِمَام مَذْهباً.

والثاني: إذا قُلْنَا: لا يرجع عليها إلاَّ بما سَمَّت، فقد توجه بأنا إن أوجبنا زيادةً عليه؛ بأن كان مهر المثل أكثَرَ، وأوجبنا مهر المثل، أو أكثر الأمرين، فسَبَبُه مخالفة الوكيل؛ فلا يرجع عليها بما تولَّد من فعله، إنما يرجع بما التزمته وَرَضِيَتْ به، وقضية هذا أن يقال: إذا [عرفت] زيادة على ما سمته، يرجع على الوكيل، ويكون استقرار تلك الزيادة عليه، هذا كلُّه فيما إذا أضاف الوكيلُ الاختلاع (١) إليها, ولو أنَّه أضاف إلى نَفْسِه، فهو خُلْع الأجنبي، والمالُ عليه، وإن أطلق، ولم يضف إليها ولا إلى نفسه، فإن فَرَّعْنا على النَّص، فيثبت على الوكيل ما سَمَّاه، وفيما عليها منه قولان:

أصحُّهما: أن عليها ما سمت؛ لأنها لم ترض بأكثر منه، والزيادة على مَا سمَّى على الوكيل؛ لأن اللفظ مطلقٌ، والصَّرف إليه ممكنٌ، وكأنه افتداها بما سمت، وبزيادة من عند نفسه، وعلى هذا، فلو طالب الزوج الوكيلَ به رجَع على الزوجة بما سمَّت.

والثاني: أن عليها أكثْرَ الأمرين، من مهر المثل، وما سمت؛ لأنَّه عقْد لها، فأشبه ما إذا أضاف إليها، فإن بقي من أكثرها شيء إلى ما سمَّى الوكيل، فهو عليه، وإن زاد مهر المثل على ما سمى الوَكِيل، لم تَجِبْ تلك الزيادة؛ لأن الزوج رَضِيَ بما سمى الوكيل، وذكر الإِمام وغيره أن القياسَ على مَذْهب المُزَنِيِّ في صورة الإِطلاق انصرافُ الخُلْع إليه؛ كالوكيل بالشراء إذا زاد ولم يضف الشراء إلى الموكّل، ولو أضاف ما سمته إليها، والزيادةَ إلى نفسه، ثَبَت المال كذلك، ولو خالف الوكيل في جنس العوض؛ مثْلَ


(١) في ز: الإِخلاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>