للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لو توافقا على أن الزوجَةَ أرادَتِ الفلوس، وقال الزوج: أردتُّ النُّقْرَةَ، فلا فُرْقَة بيْنِي وبيْنَك، لاختلاف الخِطَاب وقالَتْ: بل أردتُّ الدراهِمَ، وبنت منك فتحصل البَيْنُونَة في الظاهر؛ لتوافق اللفظين، والنيَّاتُ لا يُطَّلَع عليها، وهل يثبت للزوج شَيْءٌ؟ فيه وجْهَان عن القاضي الحُسَيْن، أنه يثبُتُ له مهْر المِثْل؛ لحصول البَيْنُوَنةِ الظاهر، والَّذي ارتضاه صاحبُ الكتَاب أنَّه لا شيْء له؛ لأنَّه منكر للفُرْقَة، فكيف يثبت له عِوَضاً عن الفُرْقةٌ (١) وفي مَعْنَى هذه الصورة ما إذا اتفقا على أن الزوج أراد الدراهم وقال لها: أردتُّ الفلوس، فلا فُرْقة وقالت: بل أردتَّ الدراهِمَ أيضاً، فالفُرْقة حاصلاً لاتفاقِهِما على صورة الخُلْع، ويعود الوجهان في ثُبُوت شيْءٍ للزوج، وأجاب صاحب "التهذيب" منهما بوجوب مهْر المثل، وقال: لا تحْصُل الفُرْقة في الباطن، إن كان صادقاً، ولو قال الزَّوْج: أردتُّ النُّقْرَة، ولم يتعرَّض لجانبها، وقالَتِ الزوجة: أردتُّ الفلوس، ولم تتعرَّضْ لجانبه فالفُرْقَة حاصلةٌ ثم عن القاضي حُسَيْن أنَّهما يتحالفان وفي "البسيط" أن الوجْه وجُوب مهْر المثل؛ لأنَّه لا يدعي علَيْها شيْئاً معيناً حتَّى تحلف (٢).

ولو قال أحدُ المتخالِعَيْنِ: أطلقنا الدراهم، وقال الآخر: عَيَّنَّا نوعاً من الدراهم، فيتحالفان؛ لأن قضيَّة الإِطلاق وجُوبُ النَّوعْ الغالِبِ، فقد اختلفا في نَوْع العِوَض، وذلك يقتضي التحالُفَ.

وقوله في الكتاب "لا يحْتَمَل في الخُلْع أن يذكر مجرد الألْف، ولا يَتَعَرَّض للنَّوْع " كان الألْيَق أن يقول للجِنْس وقوله: "فيتحالفان" معلَّم بالواو وقوله: "فإن تَوَافَقَا على إرادة الدَّرَاهِمَ " يعني إرادة النُّقْرة التي هي حقيقة الدراهم.

وقوله "فالقول قولها" أي في نفي العِوَض، وقوله: "ولا فرقة" في تتمة قول الزوج.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الرَّابِعَةُ): إِذَا تَنَازَعَا فِي المُعَوَّضِ فَقَالَتْ: سَأَلْتُكَ ثَلاَثَ تَطْلِيقَاتٍ بِأَلْفٍ فَأَجَبْتَنِي فَقَالَ: بَلْ سَأَلْتِ وَاحِدَةً فَقَدِ اتَّفَقَا عَلَى الأَلْفِ وَتَنَازَعَا فِي مِقْدَارِ المُعَوَّضِ فَيَتَحَالَفَانِ وَلَهُ مَهْرُ المِثْلِ فَأمَّا عِدَدُ الطَّلاَقِ فَلاَ يُعْتَبَرُ فِيهِ إلاَّ قَوْلُهُ.

قال الرَّافِعِيُّ: الكلاَمُ منْ أَوَّل البَاب إِلَى هذا المَوْضِع كان في الاختلافات الواقعة في العِوَض، وهذه الصورة مقصودٌ بها بيانُ الاختلاف في المعوَّض، وهو الطَّلاق، فلو قالَتْ: سألتك ثلاث تطليقاتٍ بألْف، فأجَبْتَنِي وقال: بل سألْتِ واحدةً بألْف، فأجبتُكِ


(١) قال النووي: هذا الثاني هو الأصح، واختاره أيضاً الإِمام. قال الإِمام: فإن قيل: لو صدقها بعد ذلك في إتفاق النية، قلنا: إذ ذاك يطالبها بالمسمى المعين لا بمهر المثل.
(٢) قال النووي: الأصح، وجوب مهر المثل بلا تحالف. وقد نقل الإِمام الاتفاق عليه، وجعل مخالفة القاضي في التحالف في غير هذه الصورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>