قال الرَّافِعِيُّ: تَرْجَمَ الفصل بالتعليق بالسنَّة والبدعة، والمشهور من معنى التعليق ما يقابل التخيير، ولا ينبغي أن يحملى اللفظ عَليْه؛ لأن مسائل الفصل لا تنحصر في التعليقات، بل هي مختلطة، ألا تَرَى أنه إذا قال: أنتِ طالقٌ للبدعة، وهي حائضٌ يقع الطلاق في الحَال؛ ولا يتوقَّف على شيْء وإنَّما المراد تعليق لفظ الطلاق بالسنة أو البدعة، واضافته إليهما، أو أحدهما، ويوضِّحه أن الترجمة في "الوسيط" إضافةُ الطلاق إلى السُّنَّة والبدْعَة تنجيزاً أو تعليقاً، ويشتمل الفصل على مسائل:
منْها إذا قال للحائض أو النفساء: أنتِ طالقٌ للبدعة، وقع الطلاق في الحال، وإن قال: للسنة، لم يقَع الطلاق، حتى تطْهر، ولا يتوقَّف على الاغتسال. وقال أبو حنيفة: إن كان الانقطاع لأَكْثَرِ الحيض، فكذلَكَ وإن كان لما دُونَه، فلا يقع، حتى تغتسل أو تتيمم؛ لفقد الماء، أو يمضي عليه وقت صلاة، ولو وَطِئَهَا في آخِرِ الحيْض، واستدام إلى انقطاع الدَّم لم يقَع الطلاق؛ لاقتران أول الطُّهر بالجماع، وكذا يكون الحكم إذا لم يستدم، إن فرَّعنا على الأظهر؛ وهو أنه إذا وطئ في الحيض ثم طلَّق في الطُّهر الذي يليه، يكُون الطلاَق بدعيّاً، ولو قال للطاهر أنتِ طالقٌ للسنة، فإن لم يجامعْها في ذلك الطهر، وقع في الحال وإن جامَعَها فيه، فلا يقع، حتى تحيض، ثم تطهير، ولو قال لها: أنتِ طالقٌ للبدْعَة، فإن كان قد جامعها في ذلك الطُّهْر، وقَع الطلاق في الحال، وإن لم يجامعها، فكما حاضت طُلِّقت، قال في "التتمة": ويحكم بوقوع الطلاق بظهور أول الدَّم، وإن انقطع قبْل أن يبلغ أقلَّ الحيض، بَانَ أنَّه لم يقَعْ، ويشبه أن يجيْء فيه الخلاف المذكور فيما إذا قال لها: إن حِضْتِ فأنت طالق، أنها تطلَّق برؤية الدم أو لا تطلق إلاَّ إذا مضى أقل الحيْض، ولو جامَعَها قبْل الحيض، فكما غَيَّبَ الحَشَفَة، وقع الطلاق، ووجَب عليه النزع، وإن نزع، وعاد، فهو كابتداء الوطء بعْد الطَّلاق، وإن استدام، ولم ينزع، فإن كان الطلاق رجعيًّا، فلا حد، وإن كان قد علق ثلاث طلقاتٍ،