مُخَالَفَةِ لَوْنِهِ للون مَا يَتَّصلُ بِهِ فَلا يَدْخُلُ تَحْتَ التَّكْلِيفِ للتَّحفُّطِ عَنْهُ، وَمَا يُدْرَكُ عِنْدَ اختِلاَفِ اللَّوْنِ يَنْبَغِي أَنْ لاَ يُعْفَى عَنْهُ لاَ فِي الثَّوْب وَلاَ فِي المَاءِ.
قال الرافعي: النجاسة التي لا يدركها الطَّرْفُ كَنُقْطَةِ الخَمْرِ وَالبَوْلِ التي لا تبُصر وَالذُّبَابَةِ تقع على النجاسة ثم تطير عنها، هل تؤثر كالنَّجَاسَةِ المُدْرَكَةِ أم يعفى عنها؟ لفظة في المختصر يشعر بأنها لا تؤثر، ونقل عن الأُمِّ أنَّه لا فرق بينها وبين النجاسة المدركة؛ وعن الإملاء التسوية بينهما في الثوب. واختلف الأصحاب فيه على سبعة طرق:
أحدها: أن في تَأثِيرِهَا في الماء والثوب قَوْلَيْنِ.
والثاني: أنها تؤثر فيهما بلا خلاف.
والثالث: لا تؤثر فيهما بلا خلاف.
والرابع: تؤثر في الماء وفي الثوب قولان.
والخامس: تؤثر في الثوب وفي الماء قولان.
والسادس: تؤثر في الماء دون الثوب بلا خلاف (١).
السابع: تؤثر في الثوب دون الماء بلا خلاف.
فهذا هو اضطراب النص ومقالات الأصحاب، وأما التوجيه فمن ألحق هذه بما يدركه الطرف، قال: الظواهر المقتضية لاحتساب النجاسة عامة تتناول التي يدركها الطرف والتي لا يدركها، ومن سامح بهذه النجاسة، علل بتعذر الاحْتِرَازِ فإن الذُّبَابَ يقع على النجاسات، ثم يطير ويقع في الماء، وعلى الثياب فأشبه دَمَ الَبَراغِيتِ، وسائر ما يتعذر الاحتراز عنه. ومن قال: تُؤَثِّرِ في الماء دون الثوب، فرق من وجهين:
أحدهما: أن صون الماء بتغطية رأس الإناء ممكن بخلاف الثياب.
والثاني: أن الذبابة إذا ارتفعت عن النجاسة، جَفَّ ما نجس منها بالهواء، فلا يؤثر في الثوب ويؤثر في الماء، فلو كان الثوب رَطْباً، كان كالماء، ومن قال: يؤثر في الثوب دون الماء، قال: الماء أقوى على دفع النجاسات، بدليل الماء الكثير. وأما ما ذكره حجة الإسلام -رحمه الله- من أنه إن انتهت القُلَّةُ إلى حد لا يدرك مع مخالفة لونه للون ما يتصل به، فهو معفو عنه في الماء وغيره وإلا فلا. فَهَذَا تَفْصِيلٌ لاَ نَرَاهُ لغيره،
(١) قال النووي بعد نقله اختيار الغزالي العفو فيها المختار عند جماعة من المحققين ما اختاره الغزالي وهو الأصح. الروضة ١/ ١٣٢.