للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُحْمَلُ عَلَى الظَّرْفِ أَوِ الحِسَابِ فِيهِ قَوْلاَنِ وَالجَاهِلُ بِالحِسَاب إِذَا قَالَ: أَرَدتُّ مَا يُريدُهُ الحُسَّابُ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ، وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ: طَلَّقْتُ مِثْلَ مَا طَلَّقَ زَيْدٌ وَهُوَ لاَ يَدْرِي عَدَدَهُ لَمْ تؤَثِّرُ نِيَّتُهُ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لِتَعَذُّرِ إِرَادَةِ مَا لَمْ يَعْلَمْ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: القول في الطلاق بالحساب ترْجَمَه الفَصْل: الطلاق بالحِسَاب وجعله على ثلاثة أقسام:

أحدُها: في الألفاظ المسْتَعْمَل مثلُها في حِسَاب الضَّرْب.

والثاني: في تجزئة الطَّلاق وألفاظها.

والثالث: فيما إذا أشْرك بين نسوة في طلقة أو طلقات، وبيان ما يقتضيه التوزيع.

أمَّا الأول: فإذا قال: أنْتِ طالقٌ طلْقةً في طلقة، أو واحِدَةً في واحدةٍ، سُئِلَ عمّا أراد، فإن قال: أردتُّ طلقةً مع طَلْقَة قُبِلَ، ووقعَتْ طلقتان، وقد تُستَعْمل "في" بمعنى "مع"، كقوله تعالى: {قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ} [الأعراف: ٣٨] أي مع أمم وإن قال: أردتُّ الظَّرْف، أو الحساب، أو لم أُرِدْ شيئاً لم يقَعْ إلاَّ طلقةً، هي قضيَّة الظرف والحساب. وإن قال: أنتِ طالقٌ طلقةً في طلقتين، أو واحدةً في اثنتين، وأراد مع اثنتين، وقَع الثَّلاث، وإن أراد الحساب، إن كان عالماً بمُوجِبِ اللَّفْظ في اصْطِلاحَ الحساب، وقَعَت طلقتان، وإن كان جاهلاً، وقال أردتُّ ما يريده الحُسَّاب، فوجهان، عن أبي بكر الصيرفي -رحمه الله- أنَّه "تقع طلقتان؛ أنه أراد ما يريدونه".

وقال أكثرهم: لا يقع إلاَّ طلقة؛ لأن ما لم يُعْلَم لا يصح إرادته، فإذا لم يَكُنْ عارفاً بما يريدونه [لم يكن قاصداً] للعدد، والوجهان كالوجهين فيما إذا أتى العجمي بلفظة الطلاق، وقال: أردتُّ بها ما يريده العربيُّ، وهو لا يَعْرِفُ معْناها، وأُجْري الخلاف فيما إذا قال: طلَّقْتُ امرأَتِي مثْلَ ما طلَّق زيد، وهو لا يدري كم طلق زيد وكذا يكُون الحُكْم لو نوى عدَدَ طلاقِ زَيْد، ولم يتلفَّظ، وإن أطْلَق، ولم ينوِ شيئاً، فإن لم يكُنْ ممَّن يعرف الحساب، لم تقَعْ إلا طلقة وإن كان ممَّن يعرف الحساب فقولان:

أحدهما: أنَّه يحتمل على الحساب، وتقع طلقتان؛ لأنَّه الاستعمال المشْهُور في الأعْدَاد، والرَّجُل عارف به، وأظهرهما: أنَّه لا تقع إلا واحدة؛ لأن الأصْل الظَّرْف، والاستعمال واقعٌ فيه، وإذا اخْتَلَف الإطلاق، أخذ باليقين وهو طلقةٌ، وربَّما شبه القولان بالقولين فيما إذا قال: أنْتِ طالقٌ، أنْتِ طالقٌ، ومنْهم من لا يُطْلِق لفْظ القولين في المسألة وينسب التوحيد إلى النص، والتعديد إلى أبي إسحاق؛ وعن الشيخ أبي محمد وغيره رواية قولٍ ثَالِث: أنَّه يقع الثلاث؛ لتلفظه بها، ويجيء هذا القول فيمَنْ لا يعرف الحِسَاب، ولم ينوِ شيئاً، ويعلَّم قوله في الكتاب "وإنْ أرَادَ الحِسَابَ كَانَ كَمَا نَوَى" بالحاء؛ لأن عنْد أبي حنيفة -رحمه الله- لا يقع إلا طلقة، سواءٌ عَرَف الحساب أو

<<  <  ج: ص:  >  >>