للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتطلق كل واحدةٍ واحدةً، وإن قلْنَا بالصحيح، وهُوَ وقوع الثلاث، فهاهنا يقع [على] (١) كل واحدةٍ ثلاثُ طلقات؛ لأن تغاير الأجزاء، وعطْفَ بعضها على بَعْض يشعر بقِسْمة كل جزء بينهن. قال الإِمام -رحمه الله- ويُحْتَمَل أن يجعل كما لو قال: أوقعتُ بينكن ثلاثَ طلقات، والقسمة المستوية في ذلك لا توجب إلا طلْقَةً، ولو قال: أوقعتُ بينَكُنَّ طلقةً وطلقةً وطلقةً، فيجوز أن يقال: هو كما لو قال: ثلاثَ طلقات، فتطلق كل واحدة طلقةً ويجوز أن يُقَالَ تُطَلَّق كلَّ واحدة ثلاثَ طلقات؛ لأن التفصيل يشعر بقسمه كل طلقة عليهن.

المسألة الثانية: إذا طَلَّقَ إحْدَى امرأتيه، ثم قال للثانية أشركْتُكَ مَعَها، أو جعلتك شريكَتَها أو أنت كهي، أو مثْلُها، ونوى طلاقها، طُلِّقَت، إلا لم تُطَلَّق، وكذا لو طَلَّق رجُلٌ امرأته، فقال آخر لامرأته: أشركتُكِ مَعَها، أو أنت كهي، ونوى، ولو كانَتْ تحته أرْبَعٌ فقال لثلاث منهن: أوقعْتُ عليكنَّ أو بينكن طلقةً، فطلقن واحدةً واحدةً، ثم قال: للرابعة: أشركتُك معَهُنَّ، ونوى الطلاق، فيُنْظَر؛ وإن أراد طلقة واحدةً تكون كواحدة منهن، طُلِّقَتْ واحدةً، وإن أراد أن تُشارِكَ كل واحدة منهن في طلقتها طُلِّقت ثلاثاً، فإن أطْلَق اللفظ، ونوى الطلاق، ولم ينْوِ واحدة ولا عدداً، ففيه وجهان:

أظهرهما: وبه قال الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله-: تُطلَّق واحدة؛ لأن جعْلَها كإحداهن أسبق إلى الفهْم، وأظهر من تقدير توزيع كلِّ طلقة، والثاني عن القَفَّال: أنها تُطَلَّق طلقتين؛ لأنه جعل الواحدة شريكة الثلاث وفي مقابلتهن، وقضيَّة الاشتراك أن يصير ما لحقهن مقسوماً بينهن وقد لحقهن ثلاث طلقات، فيلحقها نصْف الطلاق، وهي واحدةٌ ونصف، فيكمل طلقتين.

ولو قيل بناءً على هذا التوجيه [يلحقها] (٢) ثلاث طلقات، ليكون لها مثْل ما لَهُنَّ إذا صارت شريكتهن، لم يكن بأبعد منه، وعلى قياس المسألة، طَلَّقَ اثنتين، ثم قال للأخريين: أشرْكتُكُمَا معَهما، ونوى الطلاق، فإن أراد أن تكون كل واحدة منْهُنَّ كواحدةٌ من الأوليين، طُلِّقت كلُّ واحدة منهن طلقةً، وإن أراد أن تكون كلُّ واحدة كالأوليين معاً في الطلاق أو أن تشارك كل واحدة منهما كل واحدة من الأوليين في طلقتيهما طُلِّقَتا طلقتين طلقتين، وإن أَطْلقَ فتطَلَّق كلُّ واحدة طلقةً، على قياس ما قاله الشيخ أبو عليٍّ، وكذلك هو قياس المنقول عن القَفَّال؛ لأنَّه يجعل الأخريين شريكين في ما للأوليين فيقسم بينهما، وبين الأخريين، والذي لحقهما طلقتان، فيلحق الأخريين نصفها، وهو طلقة، فنُقَسَّم بينهما وتُكَمل.

فَرْعٌ: لو طَلَّق إحْدَى امرأتَيْه ثَلاَثاً، ثُمَّ قال للأخرى: أشركْتُكِ مَعَها، ولم يَنْوِ العدد، حكى إسماعيل البوشنجي أن المسألة جَرَت بين يدي أبي بكر الشاش -رحمه الله


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>