للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طلاق عمرة بدخول الدار قبْل تعليق حفصة أو بعده، ودخلَت عمرة بعْده الدار، طُلِّقَت كلُّ واحدة منهما؛ لوقوع طلاقه على عمرة على التقديرين.

ولو قال لحفصة: إن طَلَّقت عمْرة، فأنتِ طالقٌ، ثم قال لعمرة: إن طَلَّقْت حفْصة، فأنتِ طالقٌ، ثم طَلَّق حفْصة، طُلِّقت حفْصة طَلْقَةً منجَّزة، وتطلَّق عمْرة طلْقةً لأنَّه علَّق طلاقها بتطليق حفْصة، وإذا وقَع الطلاق على عمْرة، طُلِّقت حفْصة طلقةً أُخرى؛ لأن تعليق طلاق عمْرة بطلاق حفْصة يتأخَّر عن تعليق طلاق حفصة، فيكون تعليق طلاق عمرة بطلاق حفْصة وتطليقها مُطَلِّقاً عمرة؛ لما مرَّ أن الصفة مع (١) التعليق تطليق، وحينئذٍ فيكون حانثاً في تعليق طلاقِ حفْصة، فيقع عليها طلْقة أخرى سوى المنجَّزة.

وقال ابن الحدَّاد في "المولدات": لا تقع على حفْصة أيضاً إلا طلقة، وغلَّطَهُ الشارحون فيه، والعجب أنَّه أبْدَى العَذَق من نفسه في جَواب هذِه الصورة، وعرض بالبناء عليها، وهو كما أبْدَى وقوفه إلاَّ أن العُجْبَ أخَذَ برِجْلِه، فزل.

ولو أنَّه طلَّق عمرة بدَلاً عن حفصة، والتعليقات كما صورنا، طُلِّقت عمرة طلْقة منجَّزة، وطلقت حفصة؛ لأنَّ طلاقها معلَّق بتطليق عمْرة، وقد طَلَّقها ولا يعود من وقوع الطلاق عليها طلقة أخرى على عمرة لأن تعليق طَلاَق حفْصة سابقٌ، ولم تُطلَّق حفْصَة بعد تعليق طلاق عمرة منجزًا ولا أحدث تعليق طلاقها، وإنما الَّذي أحْدَث مجرَّد الصفة التي علَّق عليها طلاق حفْصة، ومجرَّد الصفة ليس بتطليق على ما تقدَّم، ولو كان تعليقُ الطَّلاقَيْن بصيغة "إذا" أو "متى" أو "مهما" فكذلك الجواب، وكذا لو كان بصيغة "كلَّما" وإن كانَتْ تقتضي التَّكرار؛ لأن التَّطْليق لم يتكرر كما تقرَّر ولو قال لحفصة: إن وقَع طلاقي على عمرة، فأنتِ طالقٌ، وقال لعمرة: إن وقَع طلاقي على حفْصِة، فأنتِ طالقٌ، ثم طلَّق واحدة منهما، طُلِّقت هي طلقةً منجَّزةً، ويقع على صاحبتها طلقة بحكم الصفة، ثم يَعُود إلى المنجَّز طلاقها طلقة أخرى؛ لحصول صفة الوقوع على صاحبتها، ولو علَّق هكذا بصيغة "كلما" ثم طلَّق واحدة منْهما، طُلِّقت كل واحدة منهما ثلاثاً، ولو قال لحفصة: إذا طلقتك، فعمرة طالقٌ، ثم قال لعمرة: إذا طلقتك، فحفصة طالقٌ، فقد علَّق في هذه الصورة بطلاق المخاطبة طلاق صاحبتها، وفي الصورة السابقة علَّق طلاق المخاطبة بطلاق صاحبتها، والحكم أنَّه إن طَلَّق بعْد ذلك حفْصة طُلِّقَت بالتنجيز طلْقَةً، وطُلِّقت عمْرة بالصفة، وهو طلاقُ حَفْصة، ولم تعُدْ طلقة أخرى إلى حفصة؛ لأن طلاقها معلَّق بتطليق عمرة، ولم تُطلَّق عمرة بعْدما علَّق طلاق حفصة تنجيزاً ولا أحدث تعليقاً، وإنما الذي وُجِدَ الصفةُ الَّتي علَّق بها طلاقَ عمرة، ولو طلَّق عمرة أولاً،


(١) في ز: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>