للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُرَاهِقَةِ، وَفِي حَقِّ الآيِسَةِ هَلْ يُكتَفَى بِالإِيَاسِ دَلاَلَةً فِيهِ خِلاَفٌ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا قال لامرأته: إن كنتِ حاملاً، فأنتِ طالقٌ، نُظِرَ؛ إن كان الحَمْل ظاهراً، بها، وقع الطلاق في الحَال، وإلا، وهو المقصود من لفظ الكتاب، يُحْكَم بوقوع الطَّلاق في الحال مع الشَّك والتردُّد، ثم يُنْظر إن أتَتْ بولد لأقَلِّ من ستة أشْهُر من وقْت التعليق، تبين وقوع الطلاق، وكونها حاملاً حينئذٍ، وإن أتتْ به لأكثر من أربع سنين، تحقَّقْنا أنَّها ما كانتْ حاملاً، وأن الطلاق لم يقع وإن أتت به لستة أشهر، فأكثر ولأربع سنين فما دونها، نُظِرَ؛ إن كان الزوج يطأها، وكان بين الوطء والوضع ستة أشهر فأكثر، لا يقع الطلاق؛ لأن الأصْل بقاءُ النكاح واحتمال حدوثه من الوطء ظاهراً، وهو الأظهر، وإن لم يطأها بعد التعليق، أو كان بين الوطء والوضع دون ستة أشهر، فقولان أو وجهان:

أحدهما: أنَّه لا يقع الطلاق؛ لأن أصْل بقاء النكاح والاحتمال غيْر منقطع.

وأظهرهما: الوقوع؛ لتيقن الحمل في الظاهر؛ ولذلك حكَمْنا بثبوت النَّسَب.

وإذا لم يكن الحمل ظاهراً عند التعليق، فينبغي أن يفرَّق بيْن الزوجين إلى أن يستبرئها, وليمتنع الزوج عن وطْئها، وهل التفريق واجبٌ والاستمتاع حرامٌ أم لا فيه وجهان:

أحدهما: نعم، تغليباً للتحريم في محَلِّ التردد، وهذا ما يوجد للشيخ أبي حامد والقاضي أبي الطيِّب وجماعة.

وأظهرهما لا, ولكنهما مستحبان؛ لأن الحَمْل عارض، والأصل عدمه، وأيضاً فإن الأصل بقاء النكاح، والمحرم مشكوك فيه، فأشبه ما إذا قال: إنْ كان هذا الطائرُ غراباً، فامرأتي طالقٌ، ولم يعلم الحال، ويحكى هذا عن نصِّه في "الإِملاء"، وجْه أجاب الحناطي، وحكاه القاضي ابن كج عن أبي إسحاق وغيره، وبم يكون الاستبراء؟ فيه وجْهان:

أظهرهما: بقرء واحد؛ لأن المقصود قيام ما يدل على البراءة، وفي القرء الواحد دلالةٌ [على] البراءة، وبهذا اكتفى في "الإِملاء".

والثاني: بثلاثة أقراء؛ لأنَّه تربُّصٌ في حق حُرَّة منكوحة، فيكون بالأقراء كالعدة، وعلى هذا فالأقراء الأطهار، وإن قلنْا: إنه بقرء واحد، فالظاهر أنه حيض، وفيه وجه آخر أنَّه طهر؛ تفريعاً على ما يأتي في الاستبراء، ولو جرى هذا التعليق في مراهِقَة لم تَحِضْ بعْدُ، وأمكن أن تكون حاملاً، فيشبه أن يقال: إن قلْنا الاستبراء بثلاثة أقراء، فالاستبراء بثلاثة أشهر في حقِّها، وإن قلنا: بقرء واحد، فاستبراؤها بشهْر واحد، أو

<<  <  ج: ص:  >  >>