وإن كان بقرء أتمَّت العدَّة فإن ظَهَر بَعْد الاستبراء حَمْل ووضْع، فعلى ما قدَّمنا، وأبدى الإِمام وشيخه احتمالاً آخر؛ وهو أنَّه لا يقع الطلاق بمضيِّ مدة الاستبراء؛ لأنه لا يفيد إلا الظنَّ والصفات المعلق عليها يعتبر فيها اليقينُ؛ ألا ترى أنه لا يفرق بين أن يقول: إن قدم زيدٌ، فأنت طالقٌ، وبين أن يقول إن استيقنت قدوم زيد، ولو قال: إن استيقنْتُ براءة رحمك، فأنت طالقٌ، لا يُطلَّق بمضيِّ مدة الاستبراء، فكذلك إذا أطلق، وقوله في الكتاب "فحكمه ما سبَقَ" يعني على قياس ما سبَق وقوله: "التحريم أولى" يعني تحريم الوطء.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: التعليقُ بكونها حاملاً بحمْلٍ خاصٍّ يشتمل على التعليق بكونها حاملاً، وقد مرَّ في المسألة الأُولَى أنه إذا علَّق الطلاق بالحَمْل متى يحكم بوقوع الطلاق ومتى لا يحكم، وكلُّ ذلك عائدٌ هاهنا، والمقصود الآن النَّظَر في ألفاظ التعليق يحمل خاصٍّ، وما هو موجب تِلْك الألْفَاظ، فإذا قال: إنْ كنتِ حاملاً بذكرٍ أو كان في بطْنِك ذكَرٌ، فأنتِ طالقٌ طلقةً، وإن كنْتِ حاملاً بأنثى، أو كان في بطنك أنثى، فأنتِ طالقٌ طلقتين، فإن ولدَتْ ذكراً تبين وقوعُ الطَّلاَق، وإن ولدَتْ أنثى، تَبَيَّن وقوع طلقتين، وإن ولدَتْ خنثى، لم تُحْكَم إلاَّ بطلقة؛ لأنها المتيقنة، والأخرى موقوفة إلى أن يتبين حال الخنثى، وإن ولدت ذكراً وأنثى تبيَّن وقوع ثلاث طلقات، لحصول الصفتين، وتنقضي العدة في جميع هذه الصور بالولادة ويكون الوقوع عنْد اللفظ، ولو قال: إن كان حَمْلُكِ أو كان ما في بطْنِك ذكَراً، فأنتِ طالقٌ طلقةً إن كان حملك أنثى أو كان ما في بطنك أنثى فأنتِ طالقٌ طلقتين فإن ولدَت ذكراً لا غير أو أنثى لا غَيْر، لم يَخْفَ الحكم، وإن ولدَتْ ذكراً وأنثى، لم يقَعْ شيْء؛ لأن قضية اللفظ كوْن جميع ما في البطن ذكراً أو أنثَى، وجميع ما في البطن ليس بذكره ولا أنثى، ولو ولدَت ذكرين أو أنثيين، فوجهان:
أشهرهما: وبه أجاب الحناطي، ويحكى عن القاضي الحُسَيْن: أنه يقع؛ لأن المفهوم من اللفظ ما في البطْن من جنس الذَّكَر والأنثى.
والثاني: وبه قال الشيخ أبو محمد، وميل الإِمام أنه لا يَقعُ، كما لو أنْت بذكَر وأنثى؛ لأن قضية التنكير التوحيدُ، وهذا عند إطلاقَ اللفْظ أمَّا إذا قال: أردتُّ الحَصْر في الجنْس، قُبِلَ وحُكِم بوقوع الطَّلاق لا محالة، ولو ولدَتْ ذكراً وخنثى أو أنثى وخنثى، فعلى الوجْه الثاني؛ لا يقع الطلاق، وعلى الأول؛ إن بَانَ الخنثى المولود مع